يعيش الملك فيصل في أسوان!

TT

قبل خمس سنوات كنا في زيارة لأسوان مع اثنين من الوزراء فاروق حسني ومحمود شريف. ولم ننتبه إلى هتافات الجماهير: يحيا الملك فيصل.. يعيش الملك فيصل.

وانشغلنا ولم أسأل عن معنى هذا الهتاف. فليس بيننا أمير سعودي ولا حتى السفير السعودي.

والتقيت بفاروق حسني في معرض الكتاب في فرانكفورت. وسألته: فقال: حصل. ولم أسأل عن السبب. شيء غريب!

وكان السيد عمرو موسى يسمع هذه الحكاية الغريبة: فقال: عندي ما هو أغرب!

قال إنه كان في الطريق إلى بلده طنطا عندما سمع أذان يوم الجمعة. فتوقف بسيارته ودخل المسجد يصلي. وفوجئ بإمام المسجد يدعو للملك فؤاد وعرش الملك فؤاد وولي عهده فاروق حفظه الله. والناس يقولون: آمين.

ومعنى ذلك أن هؤلاء الناس لا يقرأون الصحف ولا يسمعون الراديو ولا يرون التلفزيون، فهم لا يعرفون أن فؤاد قد مات قبل الثورة وأن فاروق أخرجته الثورة. ولا سمعوا عن محمد نجيب ولا عبد الناصر ولا السادات ولا مبارك. فهل هذا معقول؟ ليس معقولا. ولكن هذا ما حدث.

وقد حدث في بريطانيا أيضا.. ففي استطلاعات الرأي من سنوات أن تشرشل لا يزال رئيسا للوزراء وأن هتلر لا يزال حيا.. وبعضهم قال إنه هارب إلى البرازيل.. وبعضهم قال إن الملكة في بريطانيا هي الملكة فيكتوريا.. وفي استطلاع آخر للرأي في بريطانيا أنهم يتوقعون حربا وشيكة بين بريطانيا وألمانيا!

وفي استطلاع للرأي في الريف الإنجليزي أن تشرشل هو رئيس الوزراء الذي أقسم أن تحتل بريطانيا ألمانيا والنمسا لأن الأسرة المالكة من أصل ألماني. وأن أحد العرافين قد تنبأ بذلك وأن هذا العراف استدرجه الألمان. فما كان من هتلر إلا أن أطلق عليه الرصاص فأرداه قتيلا وبعث بجثته إلى تشرشل. وأن بريطانيا قتلت السفير الألماني وبعثت بجثته إلى هتلر.

ولما سُئل هؤلاء البسطاء من أين أتوا بهذه المعلومات قالوا إنهم سمعوها من أحد أقاربهم في لندن، وعاد منها أخيرا وقال لهم هذه المعلومات وطلب إليهم أن يحتفظوا بها سرا.

واحتفظوا بالسر حتى جاءت الاستطلاعات فكشفوا عنها.

ما هذا؟ هذه جماعات منعزلة منطوية لا شيء يهمها ولا شيء يثيرها. والحاضر عندها طويل لا يتحرك. الحاضر ابتلع الماضي والمستقبل في بريطانيا وفي مصر وفي بلاد أخرى كثيرة!