ماذا تريد أميركا من لبنان؟

TT

يواصل مبعوث الإدارة الأميركية لملف السلام جورج ميتشل جولته في المنطقة، وكانت بيروت إحدى محطات زياراته، يوم أمس، متوجها بعدها إلى سورية، بعد أن زار إسرائيل.

معلوماتي تقول إن الأميركيين يريدون من اللبنانيين عدم الانشغال بقضية التفاوض مع إسرائيل حول مزارع شبعا، وترك ذلك الأمر للقرارات الدولية، وللأميركيين، على اعتبار أن قضية المزارع ليست بالأمر المعقد.

واشنطن ترى أن لا يتم إقحام اللبنانيين في مفاوضات السلام، التي طالب ميتشل بانطلاقها حين كان في إسرائيل، على أن يكون للبنان حضور في المؤتمر المزمع عقده عند الوصول إلى مرحلة توقيع السلام العربي ـ الإسرائيلي.

بعض القراءات اللبنانية لهذه المقترحات، أو قل الأفكار، تقول إن هدف واشنطن هو تجنيب حكومة لبنان الحرج الداخلي، خصوصا أن حزب الله سيقوم باستغلال ذلك لمصلحته في كل قضية داخلية في لبنان.

وتأتي الفكرة الأميركية، على الرغم من أنه سبق للسوريين أن طلبوا من اللبنانيين أن يكونوا معهم عند الجلوس على طاولة التفاوض مع إسرائيل، عند الوصول إلى مرحلة المفاوضات المباشرة. قراءتي أن المقترح الأميركي، أو الأفكار، المقدمة إلى لبنان ليس الهدف منها تجنيب بيروت حرج التفاوض مع إسرائيل، حيث أن لا حرج في السياسة، خصوصا إذا كان المطلوب هو التفاوض من أجل انسحاب المحتل من أرضك.

كما أن الحرج أمر غير وارد الآن، مهما حاول حزب الله، أو غيره، المزايدة في لبنان، فمن يريد أن يزايد فليتفضل ويرفع صوته حيال الرغبة السورية بالتفاوض مع إسرائيل، أو رغبة إيران بالتفاوض مع واشنطن.

الهدف الواضح من الأفكار، أو المطالب الأميركية، هو قص أجنحة السوريين، ووضع مطالبهم  التفاوضية في حيز المعقول، وذلك ليس من أجل تحجيم سورية، أو إرغامها على السلام، ولكن لضمان أن تكون دمشق منطقية، وواقعية، خصوصا أن واشنطن تعتقد أن السوريين يبالغون في الثقة بالنفس، على اعتبار أن كثيرا من المفاتيح في أيديهم، وهذا ما لا يعجب الأميركيين، بل يرون عكس ذلك، فأميركا أكثر مقدرة على رؤية كافة زوايا القوة في المنطقة، وهذا أمر لا يتسنى للسوريين بالطبع.

إلا أنه رغم كل ذلك هناك نهج تصاعدي في عودة العلاقات السورية ـ الأميركية، ومن الواضح أن واشنطن تختبر كل ما يصدر عن دمشق من أقوال ووعود، وبموجب ذلك تتحرك، فعودة السفير الأميركي إلى سورية باتت وشيكة، وكذلك زيارة الضباط الأميركيين، المعلن عنها.

ولذلك، وكما يبدو، فإن فكرة أن لا يخوض لبنان مفاوضات سلام، ليس الهدف منها رفع الحرج عن بيروت، بقدر ما أنه نزع ورقة تفاوضية من سورية، وكذلك تعويد دمشق أن تتحدث عن سورية فقط، وليس سورية ـ لبنان.

المهم هو أن لا تضيع فرص السلام التي تلوح في أفق منطقتنا، وكما كتبت من قبل عن أن الكنز في سورية، أقول إن من شأن حل ملف السلام السوري ـ الإسرائيلي أولا أن يمهد الطريق بشكل سريع وآمن للفلسطينيين.

[email protected]