أوباما وسيوف «الثورجية»!

TT

الذين أتيحت لهم فرصة الدراسة أو الحياة في أميركا، يدركون أن ثمة قناعة متنامية لدى شريحة من الأميركيين في أن تعثر علاقة أميركا بالعالمين العربي والإسلامي سببه انحياز أميركا الرسمي لإسرائيل، لكن لا أحد من هؤلاء يجرؤ على التصريح بهذا الرأي، خاصة أولئك الطامحين لتحقيق شيء من المجد الوظيفي أو الاجتماعي، ومن بين القلة الذين صرحوا بمثل هذا الرأي مبكرا مايكل شيوار، مؤلف كتاب «مبالغات امبريالية: لماذا يخسر الغرب الحرب ضد الإرهاب»، وشيوار هو موظف سابق في وكالة الاستخبارات الأميركية، وكان رئيس وحدة بن لادن في الوكالة، وقد صرح لصحيفة «الشرق الأوسط» قبل أكثر من أربعة أعوام، أنه استقال من عمله في الوكالة، لأنه أراد قول الحقيقة، مرجعا السبب الأول للغضب العربي والإسلامي على أميركا بأنه يتمثل في التأييد الأميركي المطلق لإسرائيل، وأن أعضاء الكونجرس لا يملكون الشجاعة للحديث عن الثمن الذي تدفعه أميركا مقابل تأييدها اللامحدود لإسرائيل، ويرى أن مصالح أميركا يجب أن تكون أهم من مصالح إسرائيل، وقال مايكل شيوار ذلك في الوقت الذي كانت تدفع فيه أميركا مئات الملايين من الدولارات على أنشطة إعلامية موجهة إلى العالمين العربي والإسلامي لكسب الود.

اليوم لا أحد يتوقع من أوباما إنهاء حالة الغرام الأميركي الرسمي مع إسرائيل، لكن الكل يلمس منه رغبة أكثر جدية من أسلافه في البحث عن حل للمشكلة الفلسطينية، ولو مضى قدما في ضغوطه على إسرائيل لصالح حل الدولتين فإن أوباما سوف يقدم لأميركا ما لم تقدمه كل ملايينها التي أنفقتها لتحسين صورتها في الأوساط العربية والإسلامية، وأخاله قد حقق خلال الفترة القصيرة الماضية من عمر رئاسته ما لم يحققه أي رئيس أميركي قبله، فصورة أميركا في عهد أوباما تختلف في بعض التفاصيل عن صورتها قبله، فثمة خطاب أكثر نضجا يصدر من أميركا اليوم تجاه العالمين العربي والإسلامي، ومن مصلحة العرب والمسلمين أن يتفاعلوا مع هذا الخطاب إيجابا بدلا من التصريحات الفجة التي يطلقها بعض «الثورجية» في وجه هذا الخطاب، رغبة بالإبقاء على حالة التعبئة النفسية المضادة للولايات المتحدة الأميركية، فأي جنون يدفع هذا البعض لكي يهوي بسيف الكلام على رجل يشارك في البحث عن غصن زيتون؟!

[email protected]