أبناء المنكسرين!

TT

بدلا من أن يقولوا لنا لماذا خسر من خسر في لبنان، ولماذا صوت اللبنانيون لـ«14 آذار»، خرج أبناء المنكسرين ليهاجمونا، ويلقنونا دروساً في السياسة والصحافة، والتهم حاضرة، الطائفية والأمركة.

فهل اللبنانيون طائفيون وعملاء، عندما صوتوا للأكثرية التي حصلت على 71 مقعداً؟ وإذا كانوا يهاجموننا لأننا قلنا (انهار المشروع الإيراني) في لبنان، فما رأيهم بما يحدث في الشارع الإيراني اليوم، فهل الاحتجاجات بطهران طائفية أيضاً، أم هي رفض لنجاد، وما يمثله من سياسات؟

والغريب أننا وصفنا بالطائفية أيضاً عندما قلنا إن لبنان عربي، رغم أننا لم نقل انهار المشروع الفارسي، أو الشيعي، بل الإيراني. ويحاول بعضهم التذاكي بالقول إن بين المعارضة اللبنانية سنة وشيعة ومسيحيين، فهل نسوا أن طهران احتضنت أيضاً تنظيم «القاعدة»؟ وهل تناسوا أن الانتحاريين السنة تسلل معظمهم للعراق من الحدود السورية؟ ويبدو أن هؤلاء لم يتنبهوا إلى أن التخلف بمنطقتنا أكثر مرونة من التقدم، في عمليات التخريب، فأين شاكر العبسي، ومن أين جاء أشاوس نهر البارد؟

أما صحافياً، فحدث ولا حرج، فها هي فضائية لبنانية تقول «استهداف صحافية الشرق الأوسط ببيروت.. ويذكر أن الصحيفة خرجت بعنوان (انكسروا.. وانتصر لبنان)». فبدلا من الدفاع عن الزميلة مثلما دافعوا في وضح «النهار» عن آخرين، قرروا التبرير!

وها هو واحد من أبرز أبناء المنكسرين، الذي عرف بدفاعه عن بن لادن، باللغة العربية طبعا، وعن صدام حسين، إلى الدفاع عن بن نصر الله، وإيران، يخرج ليحاضرنا حول كتابة العنوان الصحافي، معتبرا أن عنوان  «انكسروا.. وانتصر لبنان» ينطوي على شماتة.

وهؤلاء لا يلامون، فكما أقول دائما هناك صحافة علم، وهناك صحافة فهلوة غير قابلة للتطوير، وإن اغتربت. فالمفردات المستخدمة في الانتخابات موضع دراسة مستمرة، لأنها تنطوي على مفردات من حقول مختلفة، لأن «السياسة دراما حية» كما يقول الباحثون. فمفردة (كامبين) أو حملة، مثلا، مأخوذة من مفردات الجيش، ناهيك عن مفردات رياضية من الملاكمة إلى الفروسية، مثل (سباق)، ناهيك عن مفردة (هزيمة)، كما أن هناك تعبيرات أدخلت على السياسة للتوصيف لا الشماتة، مثل «البطة العرجاء».

وهنا يبرز شعار حملة كلينتون الانتخابية الصارخ في 1992 «إنه الاقتصاد يا غبي» الذي وضعه جيمس كارفيل، أحد أشهر استراتيجيي حملات الانتخاب، وعلى أثر تلك الحملة خرج الفيلم الوثائقي «غرفة الحرب»!

وصحافياً، هناك رصيد كبير للعناوين الانتخابية المعبرة التي تثبت قصور المتفلسفين، فصحيفة أميركية تقول مثلا «الأمة تكتسي الأحمر، وألباما زرقاء»، وأخرى عنونت بـ«الانتخابات تعدل وجه الجنوب» فهل هذه لغة طائفية؟

عنوان صحيفة «الغارديان» البريطانية يوم انتخب بوش للمرة الثانية كان «يا الهي»، بينما خرجت صحيفة لندنية أخرى بعنوان «هل يعقل أن 59 مليون ناخب أميركي بلهاء». وأميركياً ها هي الصحافة هناك تصف فوز أوباما بـ «اكتساح» و«ملحمة».

هذا ليس كل شيء، حيث فات على صحافة الفهلوة أن للصحف أيضاً الحق في اختيار مرشح انتخابي، وها هي صحيفة بريطانية تقول «لا للعمال». ولذا نقول لهؤلاء: فضلا، قليلا من العلم، وكثيرا من الحياء.

[email protected]