.. بل الكرة في السماء

TT

جاءت ردود الفعل الأميركية والأوروبية على خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، قبل أمس، الذي وضح فيه رؤيته لعملية السلام ومشروع الدولة الفلسطينية، مرحبة، لكن بحذر.

التصريحات الأميركية والأوروبية، جاءت مقتضبة، وحذرة كما ذكرنا. واشنطن قالت إن «الرئيس يرحب بالخطوة المهمة للأمام»، و«هناك درب طويل» نحو السلام، بينما أوروبيا قيل إن الخطاب «جديد وإيجابي»، واشتمل على «الكثير جدا من الشروط، والتفاصيل التي تحتاج للإيضاح».

أما عربيا فقد وقع بعض العرب في الفخ الذي نصبه لهم رئيس الوزراء الإسرائيلي في خطابه، حيث جاءت بعض الردود متشنجة، والبعض الآخر منها متسرع، خصوصا من بعض الفلسطينيين.

النقطة الجوهرية هنا أن خطاب نتنياهو لم يكن أساسا موجها للعرب، بل هو رد على مطالب الرئيس الأميركي أوباما، التي وردت في خطابه بالقاهرة، من إيقاف المستوطنات، إلى الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة.

الجديد في خطاب نتيناهو هو حديثه عن الدولة الفلسطينية المستقلة، وباقي ما ورد في الخطاب، من شروط وغيره، أمر ليس بالجديد. ومواقف العرب تجاهه معروفة وواضحة، سواء للإسرائيليين أو الوسيط الأميركي، وحتى الأوروبيين.

ولذا فمن المهم ألا يقع العرب في الفخ الإسرائيلي، ويتصدرون المواجهة بالرد على نتنياهو لأن المعني بذلك أوباما، لا العرب، خصوصا وأن الإسرائيليين يتحدثون عن أن حكومة نتنياهو قد لا تصمد أكثر من 6 أشهر في حال استمرت الضغوط الأميركية على إسرائيل.

ولذا فان رئيس الوزراء الإسرائيلي يريد المناورة من خلال إعطاء تنازلات، مقابل شروط تعجيزية، على أمل ان يخدمه العرب في ردود أفعالهم ليقول للرئيس أوباما: لقد قدمت لك تنازلات، بينما  لم يقدم لك العرب إلا التشدد.

وهذا الأمر ليس بسر، حيث لمح إليه الكثير من الإسرائيليين، بأنه على إسرائيل تقديم بعض التنازلات، وانتظار المواقف العربية التي من شأنها أن تفسد مشروع أوباما، من دون أن تدخل إسرائيل في مواجهة مع واشنطن.

المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي يقول عقب إعلان نتنياهو دعمه لإقامة دولة فلسطينية: «إن الكرة قد نزلت أرض الملعب الآن»، والمقصود هنا هو أن على العرب أن يلعبوا.

الحقيقة ان كل ما فعله نتنياهو هو أنه قذف بالكرة إلى السماء، والخوف الحقيقي هو من أن يتدافع العرب بشكل عشوائي إلى تشتيت الكرة فيصطدموا مع الأميركيين والأوروبيين، وهذا ما يريده نتنياهو تماما.

ولذا على العرب التنبه إلى نقطتين أساسيتين؛ الأولى ما ورد في تعليق البيت الأبيض على خطاب نتنياهو بان أوباما «ملتزم بالدولتين: دولة إسرائيل اليهودية، وفلسطين المستقلة». فالحديث عن يهودية الدولة الإسرائيلية أمر يتماشى مع المطلب الإسرائيلي!

والأمر الآخر هو ان قبول نتنياهو بالدولة الفلسطينية أمر جيد، لكن بشروط تعجيزية، إلا ان الواجب، والمهم، هنا ألا يكون العرب في خط المواجهة، ويرفعون الضغط الاميركي عن رئيس الوزراء الإسرائيلي.

فرد واشنطن يوحي بأن الأميركيين لم تنطل عليهم حيل نتنياهو في خطابه الأخير، رغم قبوله بالدولة الفلسطينية.

[email protected]