أزمات نجاد: القنبلة تعني الحرب

TT

في أحد إعلانات أحمدي نجاد ضمن دعاياته الانتخابية الرئاسية الإيرانية تظهر لقطات للجنود البريطانيين الذين اعتُقلوا وسط البحر قبل نحو عام. به نجاد فاخر بعرض صورهم رافعين أيديهم مستسلمين على أنه قاهر الأعداء. هذه صورة الرئيس المحارب التي أراد أن يعرفه الإيرانيون بها.

وسواء جاء احتفاظه بالرئاسة نتيجة التزوير أو بالأغلبية فإن عليه أن يواجه أخطر المعارك في تاريخ إيران الحديث، البرنامج النووي واحتمال الحرب بسببه. ولأن نجاد ربط اسمه بالبرنامج النووي، وأعلن أنه فخر الأمة الإيرانية، فلن يكون سهلا عليه التراجع، سواء بوقفه نهائيا أو تجميده مؤقتا. ثم إن انتخابه، أو تعيينه، رئيسا لفترة ثانية، يؤكد تمسك طهران بالمشروع النووي وأنه عمود السياسة العليا للنظام الإيراني. وتتعزز هذه الفكرة أكثر مع ظهور ملامح أزمة داخلية خطرة تواجه النظام، كما شرحتها أمس وكنت كتبت مقالي قبل الاعتقالات. وبالتالي فإن الوضع الداخلي المتوتر سيجعل التصعيد والمواجهة الخارجية خيار قيادة طهران التي تحتاج إلى معركة ما حتى تجدد شرعيتها التي انتهكت بسبب شكوك الانتخابات وشوهت سمعتها في الداخل والخارج. والقيادة الإيرانية ربما تتصور أن مخاطر الحرب الخارجية ستكون محدودة، أو محصورة في المنشآت النووية.

لقد سهل إعادة فوز الرئيس أحمدي نجاد بالرئاسة على طلاب الحرب على الجبهتين، الإيرانية والأميركية، حسم خياراتهم. ففي رئاسة نجاد المنتهية كانت استراتيجيته تبديد الكثير من الوقت مع تحاشي الصدام في سبيل الاستمرار في تطوير قدرات بلاده النووية. الآن هو الرئيس والنووي لا يزال مشروعه والوقت يضيق.

قبل نحو شهر مضى شرح لي أحد المسؤولين الأميركيين الفرق بين سياسة الرئيس باراك أوباما وسياسة سلفه جورج بوش حيال إيران. قال إن بوش جعل الأمر سهلا على الإيرانيين، فاوض وفاوض بلا نتيجة، أما الإدارة الحالية فإنها أدركت الخطأ، وحددت سقفا زمنيا لن تفاوض إيران بعده. لم يقل ماذا سيحدث، بعد أن ينتهي الوقت وتفشل المفاوضات، الأكيد أن احتمالات الحرب سترتفع جدا. حرب ستجد تأييدا عالميا كافيا لتعطيل البناء النووي الإيراني، من أوروبا التي تعتبر أنها صارت في مرمى الاستهداف الإيراني، إلى معظم الدول العربية التي ستؤيدها بصمت وإن كانت تخاف تبعات الحرب. الخيار ليس بين السلام والحرب، بل خيار بين مواجهة إيران اليوم بأسلحتها التقليدية أو مواجهتها وهي نووية.

ولاحظوا أنه في نفس الساعات التي انشغلت فيها طهران بالاقتراع وافق مجلس الأمن على مشروع محاصرة كوريا الشمالية بعقوبات اقتصادية ردا على تطويرها قدراتها الصاروخية. كانت أيضا رسالة إلى إيران بأن المجتمع الدولي مستعد للتضييق عليها، ولن يكتفي بالعقوبات الأميركية القائمة حاليا. وهي خطوات متسلسلة قد تقود إلى المواجهة العسكرية، أي الخيار الأخير.

الخيار العقلاني أمام الرئيس نجاد إما أن يقف التخصيب، أو يستمر فيه لكن برقابة دولية صارمة، لكن مشكلة النظام أنه ليس دائما عقلانيا أو واقعيا بما فيه الكفاية. وليس صعبا أن نقرأ تفكير الرئيس نجاد، فقد خبرناه أربع سنوات كاملة نشر خلالها المعارك في كل مكان، ونعتقد أنه سيستمر في التحدي الذي سيوصل كل المنطقة إلى الحرب.