4 سنوات أخرى

TT

تشكلت حالة نفسية داخل وخارج إيران بأن هناك تغييرا قادما بعد الانتخابات الرئاسية، قد يأتي بوجه جديد إلى المنصب رقم 2 هناك وهو منصب رئيس الجمهورية في ضوء أن صاحب السلطة الحقيقي هو المرشد، ولذلك فإن رد الفعل كان أشبه بالصدمة بعد الإعلان عن النتائج.. فالجميع الآن عليهم أن يعيشوا مع 4 سنوات أخرى للرئيس الإيراني أحمدي نجاد، ما لم يثبت الاصطلاحيون قدرتهم على تغيير مسار الأحداث في وجه قوى النظام المتحالفة معه ممثلة بالحرس الثوري والمرشد والتيار المحافظ بين رجال الدين.

خارجيا لم تخف القوى الغربية الرئيسية عدم سعادتها بهذه النتيجة التي اعتبرتها خبرا غير سار سواء صراحة أو تلميحا، كما يتوقع أن تكون هناك إقليميا مخاوف من 4 سنوات أخرى من التوتر والتصعيد الذي لا يعرف أحد مداه مع وجود الملف النووي الساخن على الطاولة، وذلك في ضوء سياسات المواجهة والتمدد في المنطقة على حساب قوى إقليمية أخرى في السنوات الماضية.

داخليا في إيران يظهر رد الفعل القوي من جانب الإصلاحيين وأنصار المرشح الرئيسي لهم موسوي أن هناك شيئا قد حدث في الانتخابات مع استمرار الاحتجاجات والمصادمات منذ إعلان النتيجة حتى الآن، والطعن الرسمي في نتيجتها، فكما يبدو هناك إحساس بأن الانتخابات سرقت منهم، بينما يشعر نجاد وفريقه أنهما عادا وبتفويض كبير في ضوء النتيجة الرسمية التي فاز بها في الجولة الأولى وبنسبة عالية وفي تصويت كثيف للناخبين.

وليس هناك ما يدعو للاعتقاد، ما لم تكن هناك مفاجآت، بأن فريق موسوي والإصلاحيين سيكونون قادرين على الاستمرار طويلا في طريق الاحتجاجات في ضوء القبضة الأمنية القوية والحملة التي شنتها السلطات على المحتجين والإصلاحيين، كما أنه من المستبعد أن ينحاز مجلس صيانة الدستور الذي ضاعف نجاد ميزانيته عدة أضعاف خلال فترة رئاسته إلى موسوي الذي طعن في النتائج وطلب إلغاءها وإعادة الانتخابات.

ومع ذلك فإن الانقسام الذي حدث قبل وبعد الانتخابات لن يختفي، وعلى العكس فإن وجود نجاد في منصب الرئاسة يرجح توسعه واستمراريته، وقد ظهر في الأسبوع الأخير قبل الاقتراع حالة الاستقطاب الحادة بين فريقين في النظام من خلال التحذير الذي وجهه الحرس الثوري من ثورة مخملية في إيران على غرار ما حدث في أوكرانيا (الثورة البرتقالية)، وحشد المرشد القوى وراء نجاد.

وكما يبدو كانت هناك حالة اصطفاف بين فريقين داخل النظام الأول يقوده المرشد ووراءه قوى تقليدية شعرت بأن إصلاحيي النظام يهددون مصالحهم ويرون أن نجاد يمثلهم، والفريق الآخر ويضم شخصيات لها وزنها داخل النظام وأبرزها رفسنجاني وخاتمي فاصطفت وراء موسوي رئيس الوزراء السابق أملا في إحداث تغيير داخلي وفي علاقات إيران الخارجية، ووراءها جمهور عريض من الطبقة الوسطى يقاوم سلبيا منذ سنوات ويريد نمطا مختلفا للحياة، ورأى هذا الجمهور أملا بالوقوف وراء موسوي.

هذا الجمهور هو أهم ما في عوامل التغيير في إيران ويظهر ما بين فترة وأخرى ثم يهدأ، بينما يمارس في حياته اليومية أشكالا من السلوك تعكس الرفض لما هو مفروض عليهم ولن يختفي هذا الجمهور، وعلى العكس فإن 4 سنوات مع نجاد قد تقوي عوده وشوكته وتسحم قناعاته.

لكن على الجانب الدولي فإن الملف النووي ليس أمامه ترف مهلة 4 سنوات أخرى، إلا إذا كانت هناك تنازلات وتسويات، والسؤال هل يحدث تغيير في المواقف في الولاية الجديدة لنجاد لتفادي مواجهة، هذا ما يتعين انتظاره.