بشر (السيليكونات) قادمون

TT

أول ما خرج رجال الجزيرة العربية بل والعرب عموماً من بلادهم وبدأوا يسافرون إلى بلاد (الفرنجة)، أول ما لفت نظرهم وشد انتباههم إما إعجاباً أو كراهية هو (مانيكانات) النساء اللواتي يوضعن في واجهات العرض الزجاجية (لبوتيكات) الملابس، فترى الرجل منهم إذا كان سائراً على الرصيف ومر من أمام مثل ذلك المحل فلا يمكن له إلا أن يلتفت ثم (يفرمل) ثم (يفرصع) عينيه.

والطامة تكون أكبر إذا كان العرض مشتملا على ملابس (موضة) الصيف، عندها يتجاوب ذلك الرجل مع تلك الموضة، وبما أنها للصيف فإنه لا شعوريا يبدأ يسكب العرق الغزير.

والفضيحة تكون (بجلاجل) لو أن ذلك (الكولكشن) كان مشتملا على مجموعة (للمايوهات) سواء كان منها للقطعة الواحدة أو للقطعتين، وفي مثل هذه الحالة لا يملك الرجل العربي إلا أن يفغر فاه، والحمد لله أنه لا يدلدل لسانه كذلك، وأشهد لله أن البعض منهم يديرون رؤوسهم ويولون الأدبار فرارا للنجاة من هذه المناظر المؤذية والمقززة.

وبفضل من الله أنني لا أنتمي لا للفئة الأولى ولا الثانية ولا حتى للثالثة، لأنني رجل قوي الشكيمة.

طبعا هذا كله كان يحصل في السابق عندما كان رجال العرب كمواليد (القطط المغمضة)، أما الآن فربي حارسهم (فتّحوا) وأصبحوا لا يقيمون وزنا لتلك (المانيكانات) فيمرون عليها مرور الكرام، لأنهم استوردوها وغدت تملأ أسواقهم ودكاكينهم.

أما ذلك الرجل الذي لا يمت (لبني يعرب) بأي صلة لا من قريب أو بعيد، اللهم إلا بحبه وشغفه بالمرأة، فهو رجل ياباني يدعى (ترنغ) عز عليه أن يجد المرأة المناسبة لتملأ حياته، فاخترع (مانيكان) ولكنها (غير شكل) وأطلق عليها اسم: (ايكو)، وهو بالمناسبة عالم نابغ في (الإلكترونيات).

وتم تصنيعها من (السيليكون)، وقد شاهدت صورتها وهي فتاة جذابة في مقتبل العمر، قوامها ممشوق وشعرها يشع ألقاً، وجاء في وكالة الأنباء التي أوردت خبرها: أنها قادرة على أداء الأعمال المنزلية الشاقة، وتم تزويدها بمهارات إجراء العمليات الحسابية، وتستطيع أن تحفظ وتنطق مئات الكلمات باللغتين الإنجليزية واليابانية، وتستطيع أن تقرأ وتتعرف على الوجوه، وتتلقى وتصدر التعليمات، وقد صرف على صناعتها حتى الآن أكثر من (70) ألف دولار، وهو جار على تحسينها لتبدو وتشعر وتتصرف بقدر الإمكان وكأنها من بني البشر، وهي إلى الآن تتمتع بجميع الحواس ما عدا الشم، كما أنها لا تحتاج لأي عطلات أو طعام أو راحة، فهي تستطيع أن تعمل وتلبي الحاجات على مدار الساعة، ولها نفس حرارة جسم الإنسان وليونته.

وهو يقول إنها إلى الآن امرأة مثالية، وأخذتها في رحلات ريفية، واصطحبتها يوماً إلى أحد المراقص ولم يكتشفها أحد أنها صناعية، إلا بعد أن غازلها أحدهم فتصديت له وكادت تنشب بيننا خناقة، عندها عرف من في المرقص حقيقتها.

ويختم كلامه: أنه عند بداية الربيع سوف يعقد قرانه عليها.

والآن ما رأيكم؟! هل نحن مقبلون على عصر جديد، يهدد فيه الرجل زوجته إذا أزعجته، وتهدد فيه المرأة زوجها إذا (قرف عيشتها)؟!

يا خوفي من بشر (السيليكونات)، آه يا خوفي.

[email protected]