عبر العالم

TT

كان عقد السبعينات عقد انهيار الأنظمة حول العالم من دون أي رابط أو شبه فيما بينها. انهار النظام الشاهنشاهي في إيران وحلت مكانه الثورة الإسلامية، وانهار النظام المدني في الأرجنتين والتشيلي وحل مكانه عنف عسكري قائم على الخطف والقمع وعدالة أغوستو بينوشيه. في المقابل، أخفقت حرب بالغة العنف والشدة ومتمادية زمنيا في تغيير النظام اللبناني. فقد اضطر العسكر إلى البقاء خلف المظهر المدني وإلى الحفاظ على مظاهر القضاء والبرلمان والحريات المصرفية.

في العقود التي تلت، انحسرت الأنظمة العسكرية في أميركا اللاتينية، إلا من الحالة الفنزويلية، حيث الحاكم يعلن تقديسه لفيدل كاسترو لكنه لا يطبق شيئا من الشيوعية. وأما في إيران فقد استمرت الثورة في التصاعد، فيما أخفقت أو خبت ما سميت بالمحاولات الإصلاحية. وهي في الحقيقة عملية تغيير مبطنة فضلت البطء والهدوء علها تصل في النهاية إلى إقامة نظام هجين، يرفع شعارات الثورة دون أن يطبقها، كما رفع أنور السادات شعارات الناصرية وترحم على عبد الناصر، أو بالأحرى كما فعل المارشال تيتو، عندما رفع شعارات الشيوعية وعاش على يخت فاره، كان من ضيوفه صوفيا لورين وجينا لولو بريجيدا، حسبما روى طباخه في مذكراته. ويجب التحسب لمذكرات الطباخين، إذ يبدو أنهم ثرثارون كالحلاقين، كما فعل طباخ كيم جونغ إيل.

في هذه المرحلة أيضا أخفقت مرحلة عسكرية ـ ثورية في السودان، عندما أعلن العسكري الطلاق عن المرشد، المأخوذ بالتجربة الإيرانية. وأخفقت محاولة الجزائر. وأخفقت محاولات الغنوشي المماثلة في تونس.

تجربة مختلفة تماما وقعت في لبنان. لقد وجدت الثورة الإيرانية في هزيمة المقاومة الفلسطينية وإبعادها، أرضا خصبة للحلول مكانها عبر تشجيع ومناصرة «المقاومة الإسلامية». وسرعان ما أبعد «حزب الله» أجنحة المقاومة اليسارية من الجنوب وتولى منفردا تحرير المنطقة من الاحتلال الإسرائيلي. ومن خلال هذا الانتصار سعى إلى أن يحدث تغييرا في النظام. انتصار أحمدي نجاد في إيران، وسقوط المحاولات «الإصلاحية» مرة أخرى، يعنيان أن دعم «التعديل» في النظام اللبناني مستمر أو متصاعد. بموجب هذا التعديل يبقى للأكثرية حق العرض وللأقلية حق النقض. أو الرفض. أو الفرض.