أوبرا «تورنادو».. و«الكوميديا الإنسانية»

TT

ومرة أخرى في صراع مع الموت حاول الموسيقار بوتشيني أن يكمل أوبرا (تورنادو) فلم يستطع. وعندما زاره بعض الموسيقيين قال لهم: لن أكمل هذا العمل. وسوف يجيء وقت يعزفون هذه الأوبرا ويتوقفون عند نهايتها ويقولون إلى هنا توقف المؤلف.. وسوف يكملون هذا العمل على هواهم.. هاها!

وحدث بالضبط ما توقعه، ففي يوم 25 أبريل 1926 ظهرت أوبرا (تورنادو) على لاسكالا في مدينة ميلانو. وكان قائد الأوركسترا هو توسكانيني، وعندما بلغ النهاية توقفت الموسيقى عن العزف واتجه المايسترو إلى الجمهور وقال: يعتذر الموسيقار بوتشيني عن عدم إكمال هذه التحفة الفنية بسبب المرض الذي أفضى إلى الموت.. وأكملناها على النحو الذي يؤسفنا أننا لن نعرف رأي المؤلف فيه!

والأديب الفرنسي العظيم بلزاك كان عنده مشروع جبار عنوانه (الكوميديا الإنسانية) سنة 1829. وكان حلمه أن يتناول تاريخ البشرية: أحلامها وأعمالها وفشلها ونجاحها وجنونها.. سياسيا وعسكريا وأدبيا وفلسفيا ومدنيا وريفيا.

وكان يتوقع أن يصدر ذلك في 133 جزءا. وكان يعمل 16 ساعة في اليوم ويشرب مائة فنجان قهوة.

وأرهقه العمل والإسراف في الطعام والشراب والجنس. ولم يكمل هذا الحلم العظيم..

وزرت بيت بلزاك في باريس ورأيت كيف كان يكتب، ومقارنة بخط هذا الأديب العظيم أرى أنني أكتب سلاسل من الذهب. ولا أعرف كيف ينقلونه إلى المطبعة. فأنا خطي سيئ ولا يعرف فك طلاسمه غير شامبليون ـ أقصد سكرتيري الخاص!

ورأيت أوبرا تورنادو في القاهرة. وحدث بالضبط ما حدث في يوم ظهورها لأول مرة في ميلانو ـ رأيي الشخصي، وهو متواضع جدا، أنها لم تكن في حاجة إلى من يكملها!