«أنا ذاهب للتظاهر.. تمنوا لي حظا سعيدا!»

TT

على موقع «تويتر»، وهو من أحدث مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت كتب أحد الإيرانيين قبيل توجهه إلى تظاهرة معارضة لإعلان فوز الرئيس أحمدي نجاد في الانتخابات الأخيرة: «إن الأمر يستحق المجازفة، نحن ذاهبون. لن أتمكن من تحديث صفحتي إلى حين أعود. مرة ثانية، شكرا لدعمكم الطيب.. تمنوا لي حظا سعيدا».

كما ملأ مئات آلاف الإيرانيين ساحات طهران احتجاجا على إعلان فوز نجاد، اجتاح آلاف آخرون مواقع الإنترنت على اختلافها من مدونات وصفحات اجتماعية وإخبارية للتواصل مع بعضهم أولا ومع العالم الذي يتابعهم لحظة بلحظة حتى بات هؤلاء الإيرانيون الموزعون ما بين ساحات التظاهر وساحات العالم الافتراضي هم مصدر الخبر الفعلي لما يجري في بلادهم اليوم.

سمحت وسائل الاتصال الحديثة للإيرانيين بنقل لحظي لتجاربهم الخاصة ومواقفهم في هذه اللحظة التاريخية الحرجة التي تمر بها إيران. عمدت السلطات إلى التضييق على الإعلام التقليدي عبر طرد مراسلين وحظر عمل بعضهم وقطع أجهزة هاتف وحجب بعض القنوات ومواقع الإنترنت، لكن مرة جديدة يظهر كم أن الاتصال المعولم بات عصيا على الضبط والمراقبة. بقي الإيرانيون في مختلف أنحاء البلاد على اطلاع ومعرفة بما يجري إذ تتعدد الوسائل التي منها يمكن استقاء ما يجري في شوارع العاصمة الإيرانية حتى أن أنباء ترددت عن اعتلاء الناس في مدن أصفهان والأهواز وزاهدان ومشهد أسطح منازلهم مرددين شعارات تؤيد تظاهرات طهران.

من الضروري رصد كل ما يتاح رؤيته ومعرفته من مشهد الشارع الإيراني.

جموع شبانه وشاباته،مظهرهم، شعاراتهم، صداماتهم مع الشرطة ودفاعهم ضد قوات مكافحة الشغب لدى محاولة تلك القوى اعتقال أحدهم. يحصل ذلك في ظل معادلة غريبة تتمثل في أن السلطات الإيرانية تمارس حظرا وتضييقا على التصوير وعلى محتوى كثير من التقارير الإخبارية المتعلقة بالتظاهرات المعارضة.

هذا الكم الهائل من الصور والمشاهد الذي وصل إلى كل العالم يصل في ظل قرار بمنعه.

كم يبدو قرار حظر وسائل الإعلام غبيا وعديم الجدوى في ظل انتشار وسائط ووسائل الاتصال غير التقليدية والتي يبدو أن الإيرانيين يجيدونها على نحو يفوق توقعات النظام والعالم، فلم تعد مجدية محاولات ضبط المشهد الشعبي والسياسي عبر ضبط وسائل الإعلام التقليدية.

لا يستطيع هؤلاء الذين جسدوا مدا بشريا هائلا في الشوارع قبول حقيقة أن احتمالات التغيير في إيران قد طمرت مع إعلان بقاء نجاد ولاية ثانية في الحكم. رغم رفع المتظاهرين أعلاما خضراء شعارا لحملة مير موسوي الذي شكك بنزاهة نتائج الانتخابات ورغم الهتافات التي ترددت دعما لموسوي ضد نجاد إلا أن حقيقة الغضب العارم هي ليست في الانحياز لموسوي قدر ما هي احتجاج على نجاد وعلى اختصار صورة إيران في السنوات الأخيرة الماضية بصورته وبمواقفه وسقطاته التي تكاد تودي بالبلاد.

أمسك الإيرانيون بالشارع وأحكموا قبضتهم على هواتفهم وكاميراتهم الصغيرة وعلى أجهزة الكومبيوتر.

الرهان على تغيير جذري ليس كبيرا، لكن المهم ربما أن تتعدد أبعاد الصورة ومدلولاتها..

diana@ asharqalawsat.com