خطة نتنياهو.. أي خطة؟

TT

بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل الجديد، أخيرا ألقى خطابه الموعود، ورغم مرور نحو أسبوع لم يحظ بانتباه العرب، هل لأنهم لم يأخذوه على محمل الجد؟ أم أنهم انشغلوا عنه بتطورات الانتخابات الإيرانية الخطيرة؟

قيلت بضعة احتجاجات ضده، أبرزها تصريح مهندس المفاوضات الفلسطيني صائب عريقات، الذي قال ساخرا إن على نتنياهو أن ينتظر ألف عام حتى يجد فلسطينيا واحدا يقبل به. مع هذا ففي الخطاب نقاط مهمة إيجابا وسلبا. الإيجابية الأهم أنه غير موقفه وأعلن موافقته على قيام دولة فلسطينية.

والنقاط التي سجلت ضده، أولها إصراره على القدس موحدة عاصمة لإسرائيل، وثانيها إعلانه رفض عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل، والثالثة أن يقبل العرب بيهودية إسرائيل، والرابعة منع الدولة الفلسطينية من بناء قوة مسلحة.

لكن علينا أن نتذكر أن هذا خطاب نتنياهو، لا محمود عباس، والمواقف المطروحة مهما كانت متشددة ليست شروطا مسبقة بل نقاطا تفاوضية. وبخطابه هذا خطا خطوة أولى ضرورية لبدء سباق المفاوضات، برعاية إدارة باراك أوباما الأميركية التي كلفت جورج ميتشل بتمثيلها، وهو شخص محل ثقة العرب أيضا.

أصعب مطلب هو تمسك نتنياهو بكامل القدس موحدة عاصمة لإسرائيل، طلب يستحيل أن تقبل به السلطة الفلسطينية. ويعرف أنه بدون إعادة القدس الشرقية للفلسطينيين لن يوقع فلسطيني واحد على اتفاق سلام أبدا، ولا بعد ألف عام كما قال عريقات، لكن لننتظر، فهو موقف تفاوضي. أما بالنسبة للاجئين، فرغم رفضه عودة الفلسطينيين إلى أراضي الـ48، إسرائيل، لم يعترض في المقابل على حق اللاجئين في العودة إلى دولتهم الجديدة.

ومن تابع المفاوضات السابقة يدرك أن عودة اللاجئين إلى إسرائيل لم تكن شرطا عربيا. فالحديث عادة يتمحور على حق العودة إلى الأراضي المحتلة، أي الضفة وغزة. ومن أجل مساعدة عودة بعض الفلسطينيين إلى بيوتهم وذويهم في أراضي الـ48 اخترع المفاوضون في المرات الماضية تعبير «لم الشمل». أما لماذا تعمد نتنياهو تضخيم موقفه ضد عودة اللاجئين إلى إسرائيل فيبدو أن ذلك لإيهام اليمين الإسرائيلي، الذي انتخبه، بتشدده وحصوله على تأييدهم له. في الواقع نتنياهو تراجع عن موقفه السابق الرافض لحق اللاجئين بالعودة إلى دولتهم.

بالنسبة للاعتراف بيهودية إسرائيل فإنها فعلا قضية غامضة، فإن كان يعني أن إسرائيل دولة ذات نظام يهودي فهي كذلك منذ تأسيسها، وإن كان المقصود هو يهودية سكانها، فمن المستحيل القبول به لأنه سيعنى طرد عرب إسرائيل منها، الذين يشكلون عشرين في المائة من سكانها اليوم.

أما النقطة المثيرة فهي اشتراطه ألا تكون الدولة الفلسطينية مسلحة. وسبق أن طرح الشرط من قبل في مفاوضات طابا، في عهد بيل كلينتون. ولو نظرنا إلى القضية بموضوعية فإن من مصلحة الفلسطينيين أن تكون دولتهم بلا جيش، حتى لا تبحث إسرائيل عن عذر لاكتساحها غدا بحجة عسكرية، لكن في المقابل يكون ثمن حرمان الدولة الفلسطينية من الجيش أن يتعهد المجتمع الدولي بحمايتها، ويضع قوة دولية تفصل بينها وبين إسرائيل. وبالتالي، وباستثناء موضوع القدس، فإن بقية الشروط الإسرائيلية قابلة للتفاوض، وكل المفاوضات تبدأ عادة بشروط صعبة.

مشكلتي مع خطاب نتنياهو ليست في شروطه بل شكوكي في جديته. وأخشى أنه يستدرج الفلسطينيين إلى فخ باستفزازهم حتى يرفضوا المفاوضات ليحافظ على الوضع كما هو، ويتلافى الضغط الأميركي عليه.

[email protected]