أرامكو.. وبقالة فهد!

TT

أرامكو شركة النفط السعودية العملاقة علامة مشرّفة ومصدر فخر واعتزاز للسعودية نتاج تألقها المستمر ونجاحاتها وتفوقها المتواصل، وها هي تشارف على الانتهاء من المشروع التعليمي الأهم في تاريخ السعودية، مشروع إنشاء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا التي تم تكليفها بإنشائها وإدارتها، وهي تستعد لإنتاج الجامعة منجزة ما كلفت به في وقت قياسي وقبل الجدول الذي كان مقررا. وبعد هذا النجاح ها هي الشركة تكلف بمشروع آخر عملاق وهو مدينة الملك عبد الله الرياضية التي ستشتمل على استاد رياضي عالمي لا مثيل لمواصفاته بالمنطقة مع مرافق مساعدة وبنية تحتية على أعلى مقاييس ومعايير عالمية. أرامكو تجربة فريدة من نوعها وتجربة رائعة، واليوم رئيسها الجديد الإداري المتألق خالد الفالح لديه حزمة غير مسبوقة من التحديات سواء التي لها علاقة بهوية وطبيعية أنشطة الشركة أو العالم المتغير الذي يمثل أسواق واستثمارات الشركة الخارجية.

أرامكو بنجاحها هي نتاج ثقافة وفكر مختلف بُني في المنطقة الأكثر جاذبية وتميزا بالسعودية وتحديدا المنطقة الشرقية. مجتمع المنطقة الشرقية مجتمع هادئ وجاد وسمح ويعطي للعمل مكانة أشبه بالمقدس وهو ما تسبب في تكوين هوية مغايرة أدت إلى وجود قصص نجاح ممتازة بُنيت على العمل الجاد والتعاون الجماعي. وفي الخبر، قلب مجتمع المنطقة الشرقية يتحدثون منذ زمن عن مشروع صغير وهو بقالة فهد، والذي بدأ بفكرة تقليدية عصامية. بقالة لتخدم سكان الأحياء المجاورة وتقدم لهم المنتجات الاستهلاكية المتنوعة بحسب احتياجات الأسر والأطفال، ومع مرور الوقت تحولت هذه البقالة بمثابة «صندوق العجائب» لصغار الأطفال الذين كانوا يبتاعون منها أغراضهم. وتوسعت البقالة بأسلوب جميل وذاتي التمويل لتصبح سوبر ماركت كبيرا وبشكل عصري وحديث. وتواصلت أجيال جديدة مع بقالة فهد (وبقي اسمها في أذهان الناس التالية والأجيال القادمة)، ففتيات وزهرات الأمس أصبحن أمهات اليوم واستمر اعتمادهن على البقالة لهن ولبناتهن وأولادهن. قصة جميلة ترمز إلى العمل الجاد وحصاد نتاجه وإلى الدور الحيوي الذي من الممكن أن تلعبه الشركة «الكبيرة» في المجتمع الصغير، ولكن السؤال «الجميل» يستحق أن يُسأل: هل أرامكو هي التي أنجبت المنطقة الشرقية بثقافتها الجميلة ومناخها المعيشي الفريد أم أن المنطقة الشرقية هي التي ولدت أرامكو وجعلتها على ما هي عليه؟

أرامكو وبقالة فهد وجهان لنفس العملة الفريدة.. وجهان لصناعة الابتسامة وصياغة الأمل وبناء الممكن في زمن صعب. قصة النجاح تستحق الاحتفاء والتهنئة وان تكون جديرة بالاحترام والتقدير في وقت لم يعد فيه الكثير من هذه القصص.

[email protected]