الفودكا في رمضان!

TT

كان لابد من أن نتوقف في موسكو في طريقنا إلى كوبا.. ومن موسكو إلى أحد المطارات الصغيرة في سيبريا ثم مرة واحدة إلى كوبا. وكنا في رمضان. ودعينا إلى الإفطار في الكرملين. وكان الوفد المصري برئاسة الأديب يوسف السباعي ـ أما الأعضاء فأكثرهم من الشيوعيين ـ إرضاء لموسكو وكوبا.. وفي الكرملين جلسنا إلى المائدة، والمائدة طويلة وعريضة.. وعليها أكواب من كل لون وحجم. البيضاء فيها فودكا. والحمراء فيها نبيذ.. وألوان أخرى. وجلسنا ولكن أحدا لم يمد يده إلى الطعام. وانتظرنا من يقول لنا: بسم الله.. كل سنة وأنتم طيبون.. ولكن أحدا من الروس لم يفعل ذلك ولا يريدون أن يتكلموا.. فالوجوه مثل الجدران صفيقة وليست لها معالم.

والمعنى: هو الصمت والانتظار.. وليس من المعقول أن الروس يصلون أو يسجدون وإنما لا نعرف.. واتجهنا بعضنا إلى بعض يسأل دون أن يتكلم. ولم أستطع أن أسكت فسألت. فقيل لنا إن الحاج خالد يصلي..

ولا نعرف من هو الحاج خالد. لابد أنه رئيس الوفد الروسي.. أو هو المكلف بالعناية بنا. ولابد أنه من إحدى الجمهوريات الإسلامية السوفيتية. وانتظرنا ربع ساعة.. نصف ساعة.. فجأة رأينا بابا ينفتح وحركة وجاء الحاج خالد محيي الدين رئيس الحزب الشيوعي المصري. لقد صلى المغرب. ومعنى ذلك أن الإفطار واجب. وسحبنا مقاعدنا لتناول الطعام. وبدأنا نشم الأكواب الملونة. فوجدنا بعضها ماء وبعضها خروبا. أما الفودكا ففي كل مكان..

شيء غريب أن الروس لا يعرفون أن الشعوب الإسلامية لا تشرب الخمر في رمضان. وحتى لو كان بيننا مسيحيون فهم لا يشربون احتراما لمشاعر المسلمين!

هل نسي الروس؟ هل تركوا الاختيار لنا؟ هل يحاولون إغراءنا أن نترك ديننا ونعتنق المذهب الذي لا دين له؟ لم نجد زمنا لكي نسأل ونناقش!