إيران.. ما المطلوب من أوباما؟

TT

بدأت الأصوات تتعالى في واشنطن منتقدة صمت الرئيس الأميركي على ما يجري في إيران، سيل من الكتاب، والمثقفين، وكذلك بعض أعضاء الكونغرس يطالبون أوباما بالتحرك تجاه ما يفعله النظام الإيراني بحق مواطنيه العزل.

فما هو المطلوب فعله من الرئيس أوباما؟ الإجابة: لا شيء! نعم، فالنظام الإيراني تواق لأي تصرف أميركي، وإن كان محقاً، من أجل ربط المطالب المستحقة من قبل شريحة عريضة من الشعب الإيراني بالعمالة للخارج.

النظام الإيراني في موقف معقد، ويشعر بخطورة وضعه الداخلي والخارجي، ولذلك يبدو عليه الانفعال والتشنج، ومن شأن أي تدخل أميركي، وتحديداً من الرئيس الأميركي، أن يصب في مصلحة المرشد الإيراني ونظام نجاد.

المشهد الإيراني مختلف، ومظاهراته نابعة من تصدعات داخلية طال أمدها، وليست عملية منظمة، أو نتاج معارضة مدروسة، فموسوي ليس بقائد تاريخي، لكنه قائد مر في تقاطع تاريخي لإيران. ولذا فإن أي تصريح، أو تصرف غير مدروس من قبل الرئيس الأميركي سيصب في مصلحة حماية النظام الإيراني، وإضعاف صوت الشارع المسالم، والأجدى أن يكون التحرك دولياً، وعبر المنظمات الدولية، ومن خلال تقديم المساعدة لإيصال الصوت الإيراني المقموع.

فما يحدث في إيران اليوم من الأهمية، والخطورة بمكان، فيجب ألا يعتقد أحد أن المشهد فيلم سينمائي ستكون نهايته بعد ساعة أو سنة، بل إن ما يحدث ينبئ بمشوار طويل، لكن العنوان الرئيسي كما أسلفنا مراراً هو أن إيران لم تعد كما كانت. فما يدور اليوم في طهران هو صراع، ومعركة تكسير عظام علنية على السلطة بين أركان النظام، تتزامن مع تململ شعبي من أوضاع اقتصادية متردية، وحريات مسلوبة، تمادى النظام في قمعها، مرة باسم الله، وأخرى باسم الجبهة الداخلية.

صراع السلطة في إيران بات مكشوفاً، ولم يحسم، وأي حسم له سيكون بمثابة عامل وقت، فعندما يدب الصراع في أركان النظام الواحد، فإن الرابح فيه يعتبر خاسراً، وصراع اليوم ليس من أجل إقصاء قيادات من المسرح الإيراني. القضية باتت أكبر، فاليوم ولاية الفقيه، وشرعية النظام ككل، باتت على المحك، وثبت أن خيار نصف الشعب الإيراني اليوم تقريباً ليس تصدير الثورة ومحاربة العالم وتنصيب إيران سيداً على غيرها من الشعوب.

لذا فإن التدخل اليوم، وعلى طريقة جورج بوش السابقة سيكون طوق النجاة الذي ينتظره النظام الإيراني بفارغ الصبر، وهذا ما لا يجب تقديمه للنظام، لكن ليس المقصود بالطبع عدم إظهار التعاطف والإدانة تجاه ما يتعرض له الإيرانيون، فهذا أمر سيحدث ولكن من دون تورط مباشر في ما يجري داخلياً.

ما يجب على المجتمع الدولي، وعلى العرب كذلك فعله الآن، هو تأمل المحسوبين على إيران في منطقتنا ودراستهم بهدوء، حيث ظهرت عليهم الصدمة والذهول، فقط تأملوا حماس، وحزب الله، والبعض في العراق.

خروج المتظاهرين يوم أمس في إيران، وإطلاق النار عليهم من قبل أمن النظام، دليل على أن التحدي الذي يواجه النظام كبير، وخطير، ولذا فلا يجوز تقديم الأبرياء الإيرانيين لقمة سائغة للمرشد ونظامه.

[email protected]