ذبابة أوباما!

TT

لست أدري من أذاع الخبر لحشرات العالم عن حالة الغضب الذي أبدته منظمة بيتا «أناس من أجل المعاملة الأخلاقية للحيوانات» تجاه الرئيس الأميركي باراك أوباما، لأنه أقدم على قتل ذبابة خلال مقابلة تلفزيونية، فمنذ اللحظة التي أذيع فيها الخبر، والحشرات غدت تصول وتجول، وتقتحم البيوت، ولا تخشى الموت، ولعلي أحد الملايين عبر العالم الذين أخافهم غضب المنظمة فتخلصوا أو أخفوا مواد إبادة الحشرات، التي تمتلئ بها بيوتهم، وتركوا لتلك الحشرات حرية الدخول والخروج كيفما شاءت، وشاء لها الهوى، ولما كانت المنظمة وعدت بأن تبعث إلى أوباما بمصيدة لتدليل الذباب، وكل ما يمكنه فعله بعد ذلك حمل المصيدة، وإطلاق سراح الذبابة خارج البيت الأبيض، ولا بأس أن تذهب الطليقة بعد ذلك لتحتفي بها كل البيوت، وتكمن الإشكالية في أن مصيدة الذباب هذه ستظل خاصية رئاسية ليس سهلا أن يمتلكها الآخرون، وبالتالي ليس ثمة حل للتعامل مع الحشرات بغير الأكف كما فعل أوباما، وإن كانت مقتضيات «الإتيكيت» أو السلوك المهذب تفرض عليك أن تدعها وشأنها ترتع وتمرح على أرنبة أنفك لكيلا تبدو فظا فتغضب منك المنظمة.

وكنت أتمنى لو امتلكت عنوان تلك المنظمة لأبعث لها برسالة أسألها إن كان حظر قتل الحشرات يشمل البعوض الذي يسبب حمى الضنك في مدينتنا أم لا، فالناس هنا بينهم وبين هذا البعوض ثارات أشبه بالثارات بين بكر وتغلب، والأرقام الدقيقة لضحاياه في جدة لا يعلمها إلا العارفون ببواطن الأمور في الشؤون الصحية، والأمانة، فهم وحدهم يعلمون عدد الحاضنات من المستنقعات في المدينة، ونسبة الولادات فيها.

لا علينا من حمى الضنك، والكلام الذي يضيق الصدر، ويوجع الرأس، ولنعد إلى ذبابة الرئيس أوباما، حيث يشير المتابعون للملاحقة التي جرت، إلى أن الرئيس أبدى مهارة في اصطياد الذبابة أعظم من مهارة سلفه بوش في تحاشي حذاء منتظر الزيدي، إذا ما وضعنا في الاعتبار الفارق الكبير بين حجم الحذاء والذبابة.

كان التلفزيون ينقل وقائع ذبابة أوباما وغضب المنظمة في نشرة تلفزيونية حفلت بأخبار قتلى في الصومال، والعراق وأفغانستان، من دون أن تغضب لقتلهم أي منظمة في العالم.

عجبي من زمن يهتم فيه العالم بموت ذبابة، ويموت الإنسان من دون أن يجد له بواك!

[email protected]