إيران.. ماذا لو أكل «الأخضر» اليابس؟

TT

في الوقت الذي كنا ننتظر فيه من حماس، أو حزب الله، أو البعض في العراق، أو حتى دمشق، أن يغلبوا مصالح دولهم وقضاياهم، بدلا من تغليب مصلحة إيران، جاءت مؤشرات التغيير من إيران نفسها.

لم يجرؤ قسم من اللبنانيين على القول علنا لا للتبعية لإيران، بل إن الجنرال عون الذي كان يحلف أتباعه بأن يسألوا من يقول لهم «احذروا ولاية الفقيه» عن معنى ذلك، لم يجرؤ حتى على أن يرد على نصر الله بعد ما قاله بحق البطريرك صفير.

وحماس التي تتجنب التصالح مع الفلسطينيين رغم كل الجهد المصري المبذول، تتحدث الآن عن ورقة قدمها الرئيس الأميركي الأسبق كارتر عن فتح مفاوضات مع واشنطن، لم تراع كل من نصحها بالحذر من أهداف نظام طهران.

فخالد مشعل يقول إن العلاقة مع طهران جلبت لهم المتاعب، ولم يكونوا ليفعلوا ذلك لو لقوا دعماً، وهذا كلام غير صحيح، فماذا عن اتفاق مكة الذي نقضته حماس، وهذا مثال بسيط، وبالمقابل ما الذي تحقق من دعم ملالي طهران؟

أما سورية فقد جاهد العرب والأوروبيون، ومؤخرا الأميركيون، من أجل أن تبتعد عن التحالف مع نظام طهران، وبذل جهد جبار من أجل ذلك، نتج عنه شرخ في العلاقات السورية ـ العربية بلغ مراحل محزنة ومزعجة.

والأمر نفسه في العراق، حيث ظل كثير من الساسة هناك يستمدون قوتهم من إيران، في لعبة مصالح كان ضحيتها العراق نفسه، بدلا من الشروع في تعميق المصالحة الداخلية، وإلغاء الطائفية المقيتة.

وللإنصاف فالأمر ليس مقصوراً على من سبق ذكرهم، بل رأينا أيضاً بعضاً من دول المنطقة، وهي تداهن، بل وتنافق، النظام الإيراني، بشكل مفضوح، مثلها مثل جماعات أخرى على غرار الإخوان المسلمين في مصر، الذين تملقوا لطهران مطولا.

لكن ما الذي حدث؟ المفاجأة أن التغيير، أو قل مؤشراته، جاءت من حيث لا نحتسب، حيث جاءت من داخل إيران نفسها. فالإيرانيون خرجوا إلى الشوارع بحملة خضراء هزت النظام الإيراني بشكل غير مسبوق، رافضة الواقع الذي وصلت إليه بلادهم.

شريحة عريضة من الإيرانيين خرجت تؤكد على ما قلناه مراراً عن خطورة المشروع الإيراني، وأن ما تفعله طهران مضر بمنطقتنا، وبحق إيران نفسها، حيث زادت عزلتها السياسية، وزاد تردي أوضاعها الاقتصادية.

ولا أنسى بعض التعليقات يوم كتبت معلقاً على اتهام حسن روحاني لأحمدي نجاد بأنه «ضيع فرصاً ذهبية» للتنمية من عوائد البترول، حيث تساءل روحاني يومها قائلا «لماذا جيوب الناس خاوية.. وكرامتهم ضائعة؟». يومها تهكم البعض قائلا أليس لديك هَم إلا إيران، وحلفاءها!

اليوم جاء الرد من إيران، ومن جزء كبير من الشعب الإيراني الذي يرى أن مصلحة بلاده واستقرارها وازدهارها أهم من السيطرة على المنطقة، ليثبتوا صحة كل ما قيل في الخمس سنوات الأخيرة.

واليوم نقول عل الأخضر يأكل اليابس في إيران، لكن ماذا سيفعل المراهنون على نظام الملالي، خصوصا أن ما حدث في طهران ستكون له تبعات كبيرة؟

[email protected]