سبعة أيام

TT

هربًا من الجدل المثار حول نتائج الانتخابات في إيران وانقسام رأي الشارع العربي حول نوايا أوباما الحقيقية، خطر لي أن تشاركوني كل خبر استوقفني هذا الأسبوع.

أطرف ما قرأت هو رسالة من مجهول تقول بأن مواطنا أميركيا يبحث عن وظيفة بدأ يومه على صوت جرس المنبه في الصباح. ولاحظ وهو يحاول إسكات المنبه أنه مصنوع في اليابان. ونهض من فراشه ليصنع القهوة في ماكينة كُتب عليها «صنع في الصين». فشرب قهوته ودخل الحمام ليحلق فلاحظ أن شفرة الحلاقة مصنوعة في هونج كونج. وبعد الحلاقة تحمم وتناول بنطلون الجينز من مكانه في الخزانة فإذا به مصنوع في سنغافورة. وحين انحني ليرتدي حذاء الرياضة اكتشف أنه صُنع في كوريا.

وحين بدأ البحث اليومي عن وظيفة بدأه على كمبيوتر صُنع في ماليزيا قبل أن يستقل سيارته الألمانية ويزودها بالبنزين المستورد من السعودية.. وحين أدار زر التلفزيون ظهر وجه الرئيس أوباما فتذكر صاحبنا أنه مصنوع في كينيا.

أما أسخف خبر صادفته فهو اقتراح عرضته شركة الخطوط البريطانية على العمال والموظفين بعد أن لحقت بالشركة خسائر جمة في العام المنصرم. بدلا من محاسبة المديرين الذين تبلغ رواتبهم عشرات أضعاف راتب الموظف الغلبان ويضاف إلى الراتب الكبير مكافأة سنوية وتخصص لكل منهم مقاعد في الدرجة الأولى عند السفر... بدلا من محاسبة هؤلاء اقترحت الشركة أن يعمل كل موظف بلا أجر لمدة شهر، وإلا اضطرت الشركة إلى الاستغناء عن بعضهم. ولم يرد في الخبر ما يدل على أن اقتراح العمل بلا أجر يشمل مطالبة كل مدير بمرتب شهر على الأقل أو إلغاء بند المكافآت لمدة خمسة أعوام.

أكثر ما آلمني إعلان كتبه والد سعودي مكلوم اختفى ولده في الدمام في ظروف غامضة يوم الخميس 22|6|1429، طفل في الحادية عشرة اسمه محمد أحمد الغامدي كان ملء السمع والبصر ثم اختفى صبيحة يوم ولم يترك أثرا. فخصص الأب الحزين جائزة قدرها 100.000 ريال لمن يساعده في البحث عن ولده، وذيّل الإعلان بنداء يقول: «نأمل من كل إنسان يحمل ذرة إيمان بالله أن يساعدني في البحث عن ولدي. لا يريكم الله مكروها في أحبائكم».

هكذا أصبح اختفاء الأولاد والبنات في وضح النهار ظاهرة. فلا تتركوا أولادكم للصوص المال والأعراض في هذا الزمن العجيب.. زمن كثر فيه الكلام عن الدين وانتشر فساد الأخلاق والذمم.

أجمل ما سمعت هو خبر ولادة طفل لأم عراقية وأب إنجليزي. أما الأم فهي زميلة ابنتي التي تربت أمام عيني منذ كانتا طفلتين تدرسان معا على مقاعد أكاديمية الملك فهد في لندن. غادرت أسرتها العراق هربا من نظام الحكم السابق وعمل والدها زمنا في المملكة ثم عاد إلى لندن. وكبرت البنت والتحقت بالجامعة وتخرجت مهندسة معمارية وتزوجت زميلا لها. وها هي اليوم تلد طفلا سوف يحمل تاريخه الشخصي فصلا من فصول تاريخ العراق في علاقته مع بريطانيا الاستعمارية. ورغم أنني لا أعرف الكثير عن آراء زوجها السياسية غمرتني موجة ارتياح حين نظرت إلى صور الوليد ولاحظت أنه أسود الشعر غزيره وأن ملامحه عربية. فقلت لنفسي: هذا الولد ولدنا.