إنفلونزا الحبيب كأكل الزبيب

TT

لو أن المكسيك كانت الدولة الوحيدة المصدرة لإنفلونزا الخنازير لارتفعت الأصوات التي تطالب بجعلها منطقة مغلقة محظورة، لا يجوز السفر إليها أو الخروج منها، لكن، لأن للمكسيك شريكا قويا، هو الولايات المتحدة الأميركية في تصدير هذا الوباء صمت العالم، فمنْ ليس له مصلحة في الدنيا مع أميركا؟! ومن هو القادر على الاستغناء عن أميركا قبل أو بعد ظهور الإنفلونزا؟! فـ«إنفلونزا» الحبيب كأكل الزبيب، حتى غدونا نسمع أصواتا تقلل من شأنها، وتجزم بأن إنفلونزا الخنازير أكثر رقة ورحمة بالبشر من الإنفلونزا العادية، ومن القائلين بهذا الامر وزراء ومسؤولون كبار على مستوى العالم، ولو أننا صدقنا كلام هؤلاء بأن إنفلونزا الخنازير هادئة وديعة يكفي للشفاء منها تناول كمية من فيتامين سي، وبعض أقراص البنادول، أفليس من حق العالم أن يتساءل: إذا كان الأمر كذلك، فلماذا كل هذه الضجة المثارة حول إنفلونزا الخنازير؟ ولماذا تمطرنا النشرات الإخبارية في مختلف القنوات الفضائية بأعداد المصابين بها يوميا؟ وما سبب حالة التوتر في الموانئ والمطارات لاصطياد الحالات المصابة؟

ولعل البعض لا يعلم أن أميركا ذاتها فكرت في أول ظهور للمرض، في إغلاق حدودها مع المكسيك، لكن سرعة انتشار المرض في الولايات المتحدة جعلت مثل هذه الخطوة غير ذات جدوى، وصب ذلك في مصلحة المكسيك، فلو أن الولايات المتحدة أغلقت حدودها مع المكسيك لأغلق العالم كل أبوابه في وجه المكسيك، ولغدت وحيدة بين كماشة المرض والعزلة، لكن الله سلم.

المستفيد الأكبر من هذه الضجة الحقيقية، أو المفتعلة من إنفلونزا الخنازير، هي الشركات التي ستجني ثمارها قريبا وتتسابق هذه الأيام في إنتاج لقاح مضاد لهذه الإنفلونزا، ولن يتردد مخلوق على سطح هذا الكوكب، وصلته أنباء عن هذا المرض، في أخذ اللقاح، والمؤسف أن ليس من بين هذه الشركات التي تتنافس على إنتاج هذا الللقاح أي شركة تنتمي إلى العالم العربي أو العالم الثالث، وبالتالي يمكن معرفة الرابحين مسبقا من ظهور هذا المرض، ولقاحاته المضادة.

الطريف أنه على مدى نحو أربعة عقود من الاشتغال في الصحافة، قرأت في مطبوعاتنا المحلية والعربية عشرات التحقيقات «المضروبة»، التي يدعي فيها دجالون علاج السرطان، والإيدز، وغيرهما من الأمراض التي حيرت العلماء، وأستغرب أن يلوذ هؤلاء الأدعياء بالصمت تجاه إنفلونزا الخنازير، فلم يظهر أحدهم ليدعي أن توصل إلى «عشبة» تمنع حدوث الإصابة، وقد خانهم ذكاؤهم في ذلك، أو لعلها غلطة «الشطار»، فلو أنهم فعلوا لقاسموا شركات الأدوية الكنز، وحسبنا الله مما فعلته الخنازير.

[email protected]