تصرف وكأن إيران غير موجودة

TT

خمسة تصريحات مهمة في يوم واحد، من وعن سورية، ولكل تصريح أهمية ودلالة، لكن لا يمكن قراءة أي واحد منها بمعزل عن الآخر، فجميعها مرتبطة، أو جاءت لتغطي بعضها على البعض.

وزير الخارجية السوري وليد المعلم صرح بأن «الرهان على سقوط النظام في إيران رهان خاسر»، ناصحاً الأوروبيين بعدم التدخل بالشأن الداخلي الإيراني، في الوقت الذي قال فيه إنه في حال زار الملك عبد الله بن عبد العزيز دمشق فسيجد استقبالا حارا في «بلده الثاني».

في اليوم نفسه صرح الرئيس السوري بأن بلاده مستعدة للتعاون مع محكمة الحريري شريطة اتفاق خاص مع المحكمة، بينما أعلن المتحدث باسم وزير الخارجية الهولندي أن «الرئيس الأسد قال إنه يريد استئناف المباحثات غير المباشرة مع إسرائيل في أسرع وقت ممكن».

كل تلك التصريحات تناقض بعضها البعض، حيث تبدو سورية، من ناحية، تراهن على إيران، بينما تعلن أنه في حال زار العاهل السعودي دمشق فسيلقى ترحيباً حاراً، كما تريد التفاوض مع إسرائيل، والتعاون مع محكمة الحريري، فما الذي يحدث؟

الأمر اللافت هو الدعوة السورية إلى عدم التدخل بالشؤون الداخلية لإيران، بينما كان حلفاء إيران في وقت سابق يسخرون مِن مَن ينددون بتدخل طهران بالشأن العربي الداخلي، فسبحان مغير الأحوال!

ولأن الدفاع عن إيران مع الحديث بحرارة عن السعودية، يعد أمراً لافتاً، يقول لي مسؤول عربي قريب من مسار التحركات السورية العربية «المهم هو ما يقوله الرئيس السوري، لا تصريح الموظفين. الأسد هو المهم، وما يقوله يجب أن يؤخذ بالحسبان».

مصدر عربي آخر مطلع على تفاصيل كثير مما يجري في دول عربية ذات صلة بإيران وكذلك لبنان، يقول عن مغزى التصريحات السورية عن إيران إن «الإشادة بإيران أمر غريب، فلا أحد يقول إن النظام قد انهار»، وإن كانت مشاكل طهران جدية، وستكون لها عواقب، مضيفا أن الثناء السوري على إيران هو «من باب اذكروا محاسن موتاكم» حيث يرى المصدر أن السوريين قد حسموا خياراتهم بعيدا عن طهران، وشرعوا الباب على مصراعيه مع الأميركيين، مستدلا بالتحركات الدبلوماسية السورية الأخيرة.

فقد أوفدت دمشق خالد مشعل إلى القاهرة، وهذه خطوة إيجابية لتحسين العلاقات مع مصر بعد تحسن العلاقات السورية ـ السعودية، كما استقبل السوريون الرئيس محمود عباس بحفاوة، ورأينا كيف أن مشعل أجل إلقاء خطابه المفترض بالعاصمة السورية.

أما بالنسبة للبنان، فهناك سؤال ملح الآن، فهل يعني التعاون السوري مع محكمة الحريري أن صلحا محتملا يلوح في الأفق بين السوريين وسعد الحريري؟ يقول مصدري «هناك مرحلتان في لبنان، مرحلة ما قبل دير شبيغل، وما بعدها».

والمقصود طبعا هو تقرير المجلة الألمانية الذي اتهم حزب الله بالوقوف خلف اغتيال رفيق الحريري، حيث رفع كثيراً من الضغط عن دمشق. السؤال هنا، والذي لا نملك له إجابة الآن هو: هل نحن في بداية مرحلة تصرف وكأن إيران غير موجودة؟

[email protected]