سر الهرم الأكبر

TT

ظل موضوع كشف الأبواب السرية داخل هرم الملك «خوفو»، المعروف باسم الهرم الأكبر بالجيزة، من أكثر مواضيع الآثار إثارة وتشويقا، والجميع ينتظر لحظة دخول الروبوت الذي يحمل كاميرا دقيقة إلى داخل ممرات الهرم الضيقة، للكشف عن الأسرار المخبأة. أعتقد أن عام 2009 سوف يكون عام الكشف عن سر هرم الملك «خوفو»، أعظم بناء معماري شيده ملوك الفراعنة في التاريخ. توصلنا مؤخرا إلى الاتفاق مع إحدى الجامعات الإنجليزية، وبالاستعانة بأحد خبراء الروبوت من هونج كونج، والتعاون مع فريق مهندسين مصريين، للبدء في تنفيذ هذا المشروع في نهاية يوليو القادم بإذن الله. ونحن نعرف أن هذه الأبواب قد بدأ الكشف عنها منذ عشر سنوات عندما قررنا إغلاق الهرم لأول مرة لعمل مشروع للتهوية، بعد أن وصلت نسبة الرطوبة إلى أكثر من 80%، نتيجة لازدياد عدد السائحين الذين يدخلون الهرم. وقمنا بالاستعانة بروبوت ألماني لمحاولة تنظيف الممرات الصغيرة التي لا يزيد قطرها عن 20×20سم، وهي ما يطلق عليها خطأ اسم (فتحات التهوية)، وتوجد في الجدارين الشمالي والجنوبي من حجرة الدفن الثالثة التي بها التابوت الجرانيتي، ويعتقد أن الملك «خوفو» قد دفن في هذه الحجرة. كما توجد أيضا نفس هذه الفتحات بالحجرة الثانية داخل الهرم، التي يطلق عليها خطأ (حجرة الملكة). وهذه الفتحات لم تكن واضحة للعين، حيث إنها كانت مغلقة من الخارج، حتى جاء المغامر الإنجليزي ديكسون في عام 1873م، واستطاع بالمصادفة العثور على هذه الفتحات؛ وقام بفتحها، واتضح أنها تدخل بعمق داخل الهرم. وعندما جاء الألماني رودلف جانتنبرنك في عامي 1991 ـ 1993 ووضع جهاز الروبوت، الذي أطلق عليه الاسم الفرعوني «وب واووت»، بمعنى «فاتح الطرق»، استطاع الروبوت في الموسم الأول الدخول إلى الفتحة الشمالية لحجرة الدفن الثالثة التي يوجد بها التابوت. وكنت أجلس وأتابع ما يجري من خلال شاشة تليفزيونية داخل حجرة الدفن، ولأول مرة نرى إنسانا آليا يدخل الهرم وهو يحمل كاميرا صغيرة، وطوله لا يزيد عن 15 سم، ولأول مرة أيضا أرى بعينيّ معجزة هرم الملك «خوفو» التي جعلت جمعية المهندسين المعماريين بنيويورك تعلن أن المعجزة الهندسية لبناء الهرم تعتبر الوحيدة التي يقفون أمامها عاجزين عن حل لغزها. وقد شاهدت أحجار الهرم من الداخل، وكيف ربطها المصريون بعضها ببعض بطريقة العاشق والمعشوق، وبدون استخدام أي مونة للربط وتثبيت الأحجار بعضها ببعض. وأعتقد أن هذا هو الذي جعل العرب يرددون المقولة الشهيرة «إن الإنسان يخاف من الزمن، وإن الزمن يخاف من الأهرامات».

وفي هذا اليوم، وبعد أن شاهدت الهرم من الداخل، لم أستطع أن أنام، بل ظللت الليل كله يقظا، أحلم بهذا الجهاز وهو يدخل إلى داخل جسم الهرم، محاولا حل ألغازه. واستمرت التجربة في اليوم التالي، حتى استطعنا أن نعرف أن هذه الفتحات تبدأ من داخل حجرة الدفن، وتصل إلى خارج جسم الهرم. والمؤكد أنها ليست فتحات للتهوية، بل هي فتحات تتصل بالعقيدة وخروج روح الملك من الجانب الجنوبي من الهرم، حيث دفنت المراكب التي كشف عنها الراحل كمال الملاخ، وذكر أنها مراكب للشمس، نظرا لاعتقاد المصري القديم أن الشمس تسبح في نهر السماء على متن مركب للنهار، وآخر لليل، وكان «خوفو» قد أعد نفسه لكي يسبح مع الشمس، وإلى الأبد، خلال رحلتي الليل والنهار. ولذا، أعد لنفسه مركبين، وعمل هذه الفتحة من حجرة الدفن إلى خارج الهرم؛ لتسهيل مهمة الروح في الدخول والخروج من وإلى مقرها الأبدي..