عملاء وخونة بالملايين

TT

أتمنى ـ فقط، والله العظيم من باب التمني، وليس من باب المطالب ولا الاقتراحات ـ أن يطلع يوم على هذا الشرق، تطلق فيه على المواطنين من البشر، أوصاف ونعوت، غير مأخوذة من عالم الحيوانات. كمثل ما سمى صدام حسين المعارضين «كلاباً ضالة» وسماهم معمر القذافي «كلاباً شاردة». أو العكس. والله لم أعد أذكر.

وأتمنى ـ تكراراً من باب التمني ـ أن يكف أهل الشرق عن اتهام نصف الشعب ـ أو ثلثه يا سيدي ـ بالخيانة والعمالة. كيف يمكن أن يكون 13 مليون إيراني عملاء؟ وخونة؟ وقد وصف السيد حسن نصر الله الأستاذ وليد جنبلاط قبل عام بأنه قاتل ومجرم ولص. ومنذ أسبوعين رأيناهما يبتسمان للمصورين ولعموم اللبنانيين. وكان وليد جنبلاط يخاطب رئيس دولة عربية «بالقرد». وهو الآن في الطريق إليه للاعتذار. وكنت قد قلت للزعيم الاشتراكي قبل سنوات، كيف يجوز استخدام مثل هذه التعابير في مخاطبة رئيس لا بد أن تجتمع إليه وجها لوجه ذات يوم؟

لم تترك المعارضة اللبنانية كلمة لم تقلها في الأكثرية. وكان أسوأ مستخدمي الكلام الناقص، والأكثر غزارة، النائب ميشال عون، الذي أنشأ مدرسة جديدة في السياسة اللبنانية تقوم على استخدام الحيوانات وأيضاً الحشرات والزواحف في وصف كل من هو ضده. أما هو فيصفه تلفزيونه إلى جانب عظماء التاريخ، إلا الأنبياء. حتى كتابة هذه السطور.

طبعاً هذه ليست مدرسة شرقية ولا عونية. هذه مدرسة لينينية هتلرية ستالينية. والرفيق لينين هو أول من وصف خصومه بالواوية وليس النائب عون. وعندما قابلت الرجل منذ أشهر قلت له إن لي، كمواطن، مطلباً واحداً هو أن تكف عن استخدام هذه المصطلحات. وقلت له: هذه تعابير استخدمها صدام حسين ومعمر القذافي ولا أعتقد أنك تريد أن تقلدهما. وطبعاً كنت على خطأ.

أنا أفهم أن يقال إن شاه إيران عميل لأميركا أو بريطانيا. فهو فرد واحد على رأس نظام يريد حمايته. لكن أن يقال لثلث شبان إيران المولودين بعد سقوط الشاه، إنهم عملاء لبريطانيا؟ يا جماعة أتمنى ـ فقط والله من باب التمني ـ أن تعاملوا شعوبكم على أنهم بشر. دعوا حديقة الحيوانات للنزهة.