هل بمقدور إيران المساعدة؟

TT

لا يخلو تقرير صحافي غربي يتحدث عن علاقات إيران بالغرب هذه الأيام من ترديد عبارة أن الغرب في حاجة إلى التفاوض مع إيران من أجل ملفها النووي، وكذلك العراق وأفغانستان، فهل بمقدور إيران المساعدة فعلا بالنسبة للعراق وأفغانستان؟

الإجابة المباشرة: لا! فالنظام الإيراني يمر بمرحلة ربكة وعجز حقيقية، داخلياًَ وخارجياً، حيث أن صراع السلطة في إيران بين أركان النظام لم يحسم، بل إن النزر اليسير مما يرشح عن الداخل الإيراني يشي بأن الانقسامات في استمرار. فانحسار المظاهرات في الشوارع ليس نتيجة انفراج الأزمة هناك، بل نتيجة القمع الذي استخدمه الباسيج، والحرس الثوري، حيث بات من الواضح أن الصراع قد انتقل إلى المؤسسات الحاكمة هناك.

فقد رأينا كيف قاطع أكثر من نصف أعضاء البرلمان الإيراني احتفالية أحمدي نجاد بالفوز، كما رأينا مقاطعة بعض أركان الثورة الإيرانية لخطبتي صلاة الجمعة في إيران، سواء التي أمها خامنئي، أو من أنابه.

كما أنه لا أحد يعلم ما إذا كانت الأزمة قد تنتهي بالإطاحة بنجاد كحل ترضية، أو بطريقة أخرى، لكن المؤكد هو أن نجاد أصبح لا يتمتع بالقوة التي حظي بها في الفترة السابقة، فهو اليوم بطة عرجاء، حيث أن الخلاف تجاوزه، وبات بين من هم أكبر منه على الطرفين. كما أن كثيراً من الخطوط قد تداخلت في إيران، فالمرشد الأعلى الذي يمثل الخط الأحمر تجاوزه الإيرانيون، من الشارع والمعارضة، ولو رمزياً في مشهد غير مسبوق، كما أنه قد تراجع أمامهم تحت الضغط عدة مرات.

وبالتالي فإن كل ذلك يعني أن الجدال والتراشق الداخلي، قد صعب المهمة على إيران لتتحرك خارجياً بسهولة، وهذا لا يعني أن خطر طهران قد زال، بل إن المشكلة باتت في صعوبة التنبؤ به، لكن المؤكد أن الوضع الداخلي ليس موحداً خلف نظام الحكم، على مستوى الشارع والنخب. وعليه فإنه ليس بمقدور إيران تقديم مساعدة حقيقية في العراق وأفغانستان للغرب، إلا إذا قرر ملالي طهران الانقلاب تماماً على مبادئهم، وتحولت إيران إلى تركيا، وهذا أمر مستبعد الآن، فنسبة المعارضة للنظام وللمرشد، ليست بالقليلة، بل هي حقيقية.

كما أنه من المهم هنا قراءة من يعلنون إفلاسهم من أتباع إيران في الخارج نظراً لانقطاع المعونات المالية، أو من هم قلقون من المصير ذاته كحزب الله، لنعرف كيف أن الوضع غير المستقر داخل إيران قد ينجم عنه ضعف لدى المحسوبين عليها.

ويجب ألا ننسى أيضاً أن أمام إيران استحقاقاً سيزيد من ورطتها وهو الملف النووي، فقد ثبت أن العقوبات الاقتصادية قد طالت الداخل الإيراني كثيراً، وأثرت فيه، وبالتالي فإن استكمال مفاوضات الملف النووي وعدم التساهل فيها سيعمق مأزق النظام الإيراني.

وعدا عن كل ما سبق فهل يعتقد الغرب أن النظام الذي مارس القمع بحق شعبه، بل واختطفه أمام أنظار العالم، قادر، أو قابل، لتقديم مساعدة حقيقية للعراق وأفغانستان، من أجل أن يستقرا، ويكونا نظامين ديموقراطيين؟

[email protected]