لم أكذب

TT

في أسبوع الانتخابات اللبنانية (7 حزيران) دعاني الزميل جورج غانم لكي أكون ضيف «LBC» في التعليق على نتائج الانتخابات في «السهرة الطويلة». واعتذرت. واتصلت الـ«بي.بي.سي» العربية من لندن، لكي أكون ضيف برنامج مماثل، فاعتذرت بحجة أن عقدي مع «العربية» لا يسمح بالظهور في أي برنامج إخباري، أو خارج نطاق المقابلات. ثم اتصلت بي «الحرة»، للمرة الثانية منذ تأسيسها، وكررت الاعتذار وإبداء الأسباب نفسها. وأصر المتصل وأصر المعتذر. ثم اتصل صديق من تلفزيون «أبوظبي». وقدمت نسخة شفوية من الاعتذار.

وعندما جاء يوم الانتخابات كان مدير البرامج في «العربية»، السيد نخلة الحاج، هو الوحيد الذي لم يقرر الاتصال. وشعرت أنني كذبت دون أي ضرورة، على أصدقاء أحترمهم وعلى أناس لا أعرفهم وأبدوا نحوي كل احترام. وأريد أن أستغل هذه الزاوية، ولو بغير وجه حق، لكي أعتذر عن الاعتذار، وأؤكد أنني لم أكن أكذب. فالعقد المكتوب مع «العربية» ربما انتهى وربما لم ينته بعد، فإنني لم أقرأه لأنه كان مجرد وثيقة روتينية لإجراءات الإقامة. أما العقد غير المكتوب مع الشيخ وليد الإبراهيم، فليس بين بنوده أي تحديد أو تمديد أو وقت أو راتب. هو عقد، من بين الذين يعرفون لا محدوديته، السيد نخلة الحاج بالذات الذي كان يقول لي: «أحيانا يتصل بي الشيخ وليد في الثانية صباحا لكي يقول لا تنسَ برنامج» فلان!

لم يسئ إلي أن ينساني السيد الحاج في يوم انتخابات لبنان. فالبركة بالزميل علي دملج. ثم إنني واثق من أن السيد الحاج وضع معايير ومستويات للظهور في كنفه، كما أنني واثق من كوني لا أصل إلى هذه المرتبة. وإذا كانت أربع فضائيات دولية قد طلبت مني المشاركة ذلك اليوم، فإنما لأنها، بعكس السيد نخلة، تتساهل في المعايير والمقاييس ونوعية الضيوف!

يقدمني وليد الإبراهيم إلى الناس على أنني من الذين كانوا إلى جانبه في الأيام الأولى لتأسيس «العربية». وكان يريدني أن أثابر في هذا الحقل الجديد عليَّ، من أجل أن أشارك يوما في المسؤوليات. وجعل مكتبي إلى جانب مكتبه. وأضاف على أعمال السكرتاريا عنده الاهتمام بمهامي وعملي. لكنني جبنت. شعرت أن التلفزيون محيط بلا نهاية وتيه بلا مرافئ. وقررت أن أعود إلى مرفأ الصيادين الصغير في هذه الزاوية ومعي صنارتي ومحبرتي. وبقي لي من التلفزيون أن أحل ضيفا هنا وضيفا هناك. حيث تتناسب كفاءتي مع معايير المديرين الألى.