مفاجأة المستر روبرت

TT

يعيش الصحافي البريطاني روبرت فيسك في بيروت منذ عام 1981 مراسلا «للتايمس»، حيث انتقل مراسلا إلى «الإندبندنت» مع صدورها، وينظر إلى فيسك في صحف بريطانيا المحافظة على أنه أسطوانة ذات إيقاع واحد، ونغمة لا تتغير، هي العداء للغرب ودول الاعتدال، وتأييد الحركات المعترضة والعنيفة، مثل حماس وطالبان. وقد أصبحت كتابات فيسك مألوفة بعد ثلاثة عقود، بحيث انقسم حولها الناس: فريق يقرأها، وفريق لا يكبد نفسه هذا الضيق.

خلال حرب العراق وإيران أيد فيسك إيران. وفي صورة عامة ودائمة أيد الثورة الإيرانية، وبحث في المنطقة، من أفغانستان إلى فلسطين عن ثورات يؤيدها من خلال ما يعتبره موضوعية مهنية كاملة وسردا للحقائق. وقبل سنوات ألقى فيسك محاضرة في لندن بدعوة من الجمعية البريطانية ـ اللبنانية، قال فيها ما خلاصته انه يرفض أن يصنف مؤيدا للعرب ومعاديا لإسرائيل، وإنما هو صحافي يرى الحقائق ويكتب عنها.

فاجأ روبرت فيسك قراءه ورافضي قراءته في الرسائل التي بعث بها من طهران منذ اندلاع أحداثها غداة إعلان فوز أحمدي نجاد بالأكثرية المبسطة والمشابهة للنسبة السحرية العربية الواقعة أبدا في إطار الـ99 في المائة فاصلة (أو كسور) 99 في المائة أخرى، أي الرقم الأساسي وغباره ونثاره وما غاب عن البال.

مقال بعد آخر، وفي جرأة مذهلة لرجل يكتب من طهران المشتعلة، سرد فيسك مخالفات النظام ونقل مشاعر غليان الإصلاحيين. وبدا ذلك غريبا، أو جديدا على الأقل، بالنسبة إلى رجل يذهب إلى باكستان وأفغانستان، ليكتب عن طالبان كضحية سياسية وأمل في جملة آمال هذا العالم. وقد وضع فيسك حتى الآن نحو ست رسائل، لا أعرف كيف يرسلها إلى صحيفة من عاصمة لا تسمح لضيوفها وحلفائها الزائرين أن يخرجوا منفردين حتى إلى السوق. يجب أن يرافقهم مرافق يسهر على راحتهم، وعلى راحة بال النظام.

عندما اتهمت إيران البريطانيين بالعمل ضدها، كان بينهم هذه المرة أشهر المعادين للمؤسسة البريطانية. معاد لدرجة أنه يرفض العيش في لندن، ويجعل ايرلندا عنوانه الدائم. وباتهامها للحكومة البريطانية أراح النظام الإيراني أميركا قليلا. فمنذ نصف قرن وهي المتهمة بالوقوف وراء كل دعوة إصلاحية.