لقاء الشرق والغرب

TT

هذا هو عنوان الأسطوانة المدمجة التي أصدرتها بلدية باريس لخطوط صديقي الخطاط عبد الغني العاني، ولكن تفرجي عليها حرك في نفسي ذات السؤال الذي طالما حيرني.. لماذا استطاعت اليابان أن تحقق هذه الطفرة الحضارية والاقتصادية والتكنولوجية، وعجزت مصر عن ذلك، رغم أنها بدأت مشوارها في عهد محمد علي الكبير قبل اليابان بما يقرب من قرن؟. لماذا استطاع اليابانيون تحقيق هذا اللقاء بين الشرق والغرب، وبقينا نحن نراوح في الشرق؟.

حدثني صديقي العاني عن هذه الواقعة التي جرت في اليابان. عندما كان اليابانيون يشنون هجماتهم الانتحارية (الكميكازي) ضد الحلفاء، تطلع أحدهم إلى التطوع لوحدة الكميكازي. وقال لزوجته إنه حلمه الذي يسعى لتحقيقه، غير أن القيادة رفضت تطوعه بسبب زوجته وولديه الاثنين. شعروا بحاجة العائلة إليه. رجع خائبا، وأخبرها بالقرار. عاد في اليوم التالي من عمله، ولم يجد زوجته ولا أولاده في البيت، لكنه وجد رسالة منها على الطاولة. قالت فيها إنها ذهبت لتنتحر هي وأولادها، لتمكنه من تحقيق حلمه في التطوع للانتحار من أجل الوطن.

سمعت هذه الحكاية، فرويت بمقابلها ما حصل لأستاذ مصري حصل على زمالة دراسية في فرنسا. نظر سعد زغلول في أوراقه، فوجد أنه كانت له زوجة وعدد من الأطفال. قال له «كيف يا ولدي ستدرس وتعيش مع عائلتك على راتب تلميذ؟»، قال «سأطلقها يا معالي الوزير». شرح سعد زغلول على أوراقه بالرفض قائلا «هذا رجل لا يؤتمن على تربية أبناء البلاد».

الحمد لله.. لم تنتحر زوجته من أجل تحقيق هذا الحلم لزوجها بالذهاب إلى باريس، بيد أن أحد السفراء العراقيين طلق زوجته، أم أولاده، بالفعل عندما خيره صدام حسين بين الاحتفاظ بوظيفته، أو الاحتفاظ بزوجته.

عندما سعت اليابان لتعلم صناعة السفن الحديثة، بعثت بعدد من مهندسيها إلى سكوتلندا لهذا الغرض، بيد أن السكوتلنديين لم يسمحوا لهم بدخول منشآت بناء السفن وتعلم هذه الصناعة، فتظاهروا بأنهم مجرد خدم وشغالين؛ فاستخدموهم لمهمات الكنس والتنظيف.. ولكنهم خلال ذلك، وهم يقومون بهذه الخدمات الوضيعة، لاحظوا كيف تُبنَى السفن. تعلموا ذلك، وعادوا إلى بلدهم، وأقاموا هذه الصناعة التي تنافس العالم الغربي الآن.

وفي مقابل ذلك، قرأت شكوى محمد علي الكبير بأن المبعوثين الذين أرسلهم إلى فرنسا لتعلم الصناعة، دأبوا على قضاء وقتهم في الأنس والطرب والفرفشة!.

لا أدري.. ربما قالوا «هذا لقاء الشرق بالغرب».

www.kishtainiat.blogspot.com