بـدون «لف ودوران»

TT

أهل الخليج لا يخلون أحيانا من الشطارة، رغم أن بعضهم يتحلون أحيانا بالطيبة الممزوجة بشيء من السذاجة ولا أقول البلاهة.

وقد استغل البعض من خارج بلادهم هذه السذاجة والطيبة فيهم، فنصبوا لهم الشراك، وضحكوا عليهم و(شفطوهم) بكل ما تعنيه هذه الكلمة الأخيرة من مهازل وبلاوي.

غير أن بعضهم في الوقت الحاضر (شبوا على الطوق)، فأصبحوا يلعبون (بالبيضة والحجرة)، بل وحتى يلعبون (بالثلاث ورقات) التي أجادها ببراعة بعض إخواننا العرب ـ ولا أريد أن أسميهم.

وإليكم ما تفتقت به قريحة أحد أبناء الخليج في بلاد (الأنقريز) ـ وهذه التسمية هي التي كان يطلقها أجدادنا على (الإنجليز):

ذلك الرجل الخليجي (الهانسم) ـ أي الوسيم الطلة والطلعة ـ ذهب بكامل أناقته ولغته الإنجليزية التي يتكلمها باللهجة (الويلزية) العريقة، ذهب إلى معرض يبيع سيارات (الرولز رويس) الفخمة، واختار تحديدا سيارة (بنتلي).

استقبلوه استقبال الفاتحين، وكان ذلك اليوم هو يوم جمعة في نهاية الدوام، وكتب لهم شيكا مصدقا، وتمت المبايعة، واستلم السيارة مع كثير من الانحناءات والمجاملات الإنجليزية المؤدبة والمحترمة، وقاد السيارة بنفسه خارجاً من المعرض مع مرافقه وسط الابتسامات و(الباي باي).

وبعدها تقريباً بنصف ساعة، وإذا بتلفون من إنسان مجهول يتصل بمدير المعرض يخبره أن الشخص الذي اشترى منكم (البنتلي) هو شخص أفّاق وليس في رصيده البنكي ما يغطي ثمن السيارة، فاضطرب المدير والمسؤولون، حاولوا حينها الاتصال بالبنك غير أن البنك في ذلك الوقت كان قد أغلق، فما كان منهم للاحتياط إلا أن يتصلوا بالبوليس مدعومين بالمبايعة والشيك واسم المشتري وصوره التي التقطتها الكاميرات المثبتة في أركان المعرض.

واستطاع البوليس أن يصل بكل سهولة للمشتري الخليجي لأن اسمه وعنوانه مكتوبان في ورقة المبايعة، واحتجزوا السيارة وتحفظوا عليها، وطلبوا مثوله إلى المحكمة في صباح الاثنين.

أنكر الخليجي في حينها أنه غش المعرض أو أنه ليس لديه رصيد، وثبت ذلك في محضر البوليس.

وفي صباح يوم الاثنين اتصل الخليجي بالبنك الذي يضع فيه حسابه طالبا منهم صرف المبلغ للمعرض، وصرف الشيك فعلا.

عندها بدأت لعبة الخليجي الذي كان مخططا لها بكل براعة وجلس لهم على (ركبة ونص)، واتصل بمكتب محاماة مشهور، وأعطاهم نسبة أتعاب مجزية، ورفع مكتب المحاماة قضية ضد الشركة أو المعرض لأنها شهّرت بموكله وأضرت بسمعته وهو يطالب بمليون جنيه جراء ذلك، وكسبوا القضية، وبعد التدخلات وصلوا إلى حل وسط وهو: أن يأخذ الخليجي السيارة (حلالا زلالا) بدون ثمن، وزيادة على ذلك أن تدفع الشركة أتعاب مكتب المحاماة، وأغلقت القضية.

وحاول البوليس أثناءها أن يعرف من المتصل الذي كلم الشركة واتهم الخليجي بأنه ليس لديه رصيد؟! ولكن دون فائدة؟! فالمتصل رجل مدفوع من الخليجي نفسه، واتصل من تلفون محمول ومسروق وفوق ذلك كان من نوع يغير نبرات الأصوات.

إذن هناك من الخليجيين من هو (مدردح) ـ ورغم أنني لا أقبل هذه الدردحة ـ إلا أنني كنت أتمنى بدون (لف ودوران) أن أظفر (ببنت لي) مخصورة ولها كفرات (بالون).

[email protected]