هل تتمنين أن يكون اسمك «نعسانة» أم «كرّاتة»؟!

TT

التقيت موظفا في الأحوال الشخصية، وطرق موضوعا لم يكن يخطر على بالي، وهو أنه بحكم عمله يمر عليه شهريا في المتوسط ما لا يقل عن عشرة أشخاص يطلبون تغيير أسمائهم.

وتغيير الأسماء والألقاب متعارف عليه منذ أيام الرسول الأمين، وقد غير عليه الصلاة والسلام أسماء بعض أصحابه من الأسوأ للأحسن.

وقد سئل أشراف العرب قديما: لماذا تسمون أبناءكم أسماء منفرة وقبيحة، وتسمون عبيدكم وجواريكم أسماء حسنة وجميلة، فكان جوابهم: إننا نسمي أبناءنا لأعدائنا حتى يخافوهم ويرهبوهم، ونسمي عبيدنا وجوارينا حتى نأنس ونسعد بأسمائهم.

طبعا هذا الجواب مضحك، ولكن، رغم أن الإسلام دعا إلى اختيار أحسن الأسماء وأسلسها، فما زالت الأجيال حتى عصرنا الحاضر تتفنن باختيار كل ما يدعو للتعب ـ وعلى فكرة كان والدي يريد أن يسميني «عديم»، غير أن أخوالي سبقوه وأسموني مشعل ـ وقد قال لي ذلك الموظف: إنه بالأمس القريب أتتني فتاة في مقتبل العمر مع أخيها في مكتبي وطلبت مني وهي تكاد تبكي قائلة: أرجوك ثم أرجوك غير اسمي من «نعسانة» إلى أي اسم تختاره، لأنني لا أسلم دائما من تعليقات زميلاتي ومدرساتي المتهكمة.

وسألت الموظف: هل البنت يبدو عليها النعاس فعلا أم أنها حركات بنات؟! قال: لا، إنها كانت جادة رغم أنها بين الحين والآخر كانت تتثاءب بهدوء، وحاولت أن أقنعها أن تحمد ربها على اسمها فهو أفضل من بعض الأسماء التي مرت عليّ كاسم: غلبانة وسحلية ونطوطة وعلقة وكرّاتة، ولكنها أجهشت بالبكاء فغيرت اسمها إلى «صاحية»، وشكرتني وخرجت وهي تضحك.

واستطرد قائلا: إنني أتفهم أن يأتيني أحدهم لتغيير اسمه للأحسن، ولكن ما رأيك أن شابا من رجال البادية أتاني وعرف لي نفسه بـ«أبو (صلف)» ويطلب مني بجلافة أن أغير اسمه من «فوزي» إلى «ضيدان»، وتعجبت من طلبه لأن اسم فوزي جميل، فقال لي: إن هذا الاسم فيه شيء من الميوعة والدلع، وأقراني دائما يسخرون منه.

فقاطعت الموظف بالكلام قائلا: إنني أسمع عن عائلات في بلاد الشام ألقابهم طريفة كعائلة الرز والعدس والفتوش والبرغل والسكر وقمر الدين، ولكن هذه الأسماء لم تعقدهم، بل بالعكس، فطلع منهم المهندسون والدكاترة والوزراء. وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فقد كان لي قريب يدرس في جامعة القاهرة وسأله الأستاذ عن اسمه في المدرج الذي يحتوي على 200 طالب، وما أن قال اسمه حتى حبكت «النكتة» مع المدرس خفيف الظل، فسأله بصوت مرتفع: أنت سديري ولا بنطلون؟! فضج المدرّج كله بالضحك. وعلى أية حال، فهناك عائلة تكنّى بـ«البالطو»، وأخرى بـ«القميص»، والحمد لله أنها اقتصرت على ذلك ولم تصل إلى ما هو أصغر، وإلا كانت مصيبة بحق وحقيق.

واستطردت قائلا: إن أحدهم ذكر لي أن لديه قريبة اسمها «برتقالة» ولم تتعقد يوما من اسمها، بل إنها كانت فخورة به، وقد سعدت هي جدا عندما انتشرت قبل عدة أعوام أغنية عراقية عنوانها «البرتقالة»، وأصبحت قريبتي تلك ترتاد كل قصور الأفراح، وما أن تبدأ المغنيات بأغنية «البرتقالة» حتى تكون هي من أول الراقصات عليها، ولا ترجع للبيت إلا بعد أن ينهد حيلها من شدة الرقص، وتكمل البقية الباقية في غرفة نومها أمام المرآة حتى يطلع الفجر.

وختم الموظف كلامه معي قائلا: كل هذه الأسماء بكوم واسم أحد الأشخاص الذي أتاني يطلب تغيير اسمه بكوم آخر، سألته ماذا كان اسمه؟! قال: تصور «!!»، إن والده أطلق عليه اسم: «فلان»، نعم «فلان»، رغم أن والده اسمه صالح، قلت له: لو أنني كنت مكانك لأسميته «علاّن».

[email protected]