الخوف اليوم على الحريري

TT

في يوم واحد فتح أحدهم «خزائن» ما يمكن وصفه بـ«الحوار» السعودي ـ السوري لكثير من الصحف اللبنانية بمختلف «مرجعياتها»، ولم تكن حملات صحافية بقدر ما هي هلع. فالمؤشرات تقول إن هناك قلقا لدى عدة جهات من أي تقارب سعودي ـ سوري.

والمهم هنا ليس ما ينشر في الإعلام المحسوب على جهات عدة في لبنان، بل في زوار الليل الذين ذهبوا إلى دمشق للاستيضاح والنصح وليقولوا للسوريين تمهلوا، ولا تكترثوا بمتغيرات المشهد الإقليمي.

ولفهم متغيرات المشهد الإقليمي يقول لي مصدر عربي «لو سألت دمشق عن الأنسب لها في إيران بين الاصلاحيين والمحافظين، فإن الاجابة المدعومة بقرائن تاريخية تقول إن سورية تفضل المتطرفين»!

ويضيف المصدر إن وجود سورية بين المتطرفين «يجعلها وسيطا معتدلا بينهم وبين الغرب، والأمر نفسه ينطبق على التقارب مع حماس وحزب الله»، وعليه فإن المصدر العربي يرى أن «إيران تمر بأزمة داخلية حقيقية، وطهران هي قوة دمشق المطلقة».

أما بالنسبة لحماس وحزب الله، فيقول المصدر «لم يعودا قوة تعطيل، بل قوة شغب»، فحزب الله ما يزال يعاني من آثار حرب 2006 مع إسرائيل، والمصادر اللبنانية تقول إن الحزب على قناعة بأن إسرائيل قد تستهدف إيران، وهو الأمر الذي عززته تصريحات نائب الرئيس الأميركي.

كما أن حزب الله يتوقع أن تقوم إسرائيل بجره إلى معركة، من أجل الهروب من استحقاقات السلام، لكن الأهم، بالنسبة لسورية، أن الحزب قد خسر المعركة الانتخابية، ويقال في بيروت تندرا إن دمشق خسرت في «الأقضية الأربعة».

بالنسبة لحماس، يقول المصدر إن عدم نجاح الحركة بتمثيل الفلسطينيين، وعدم قدرتها على الوفاء لمليون ونصف المليون غزاوي الذين هم دون مأوى قد وضعها في حرج، وأخرجها من «قوة التعطيل» إلى «قوة الشغب»، وبالتالي فهي ورقة غير مفيدة الآن لدمشق.

وبالعودة إلى موضوع «الحوار» السعودي ـ السوري، فالملاحظ أن أكثر ما شغل البعض هو زيارة سعد الحريري إلى دمشق، من عدمها، لأن ذلك يعني لحلفاء سورية بلبنان، أن دمشق قد غيرت موقفها، وسيصبح سعد القوة السياسية الحقيقية في بيروت. وبالتالي فهم قلقون، لأن تصالح الحريري ـ دمشق ليس نهاية المطاف، بل سيكون الانطلاقة لمرحلة جديدة، بين السعوديين والسوريين، ولبنان وسورية، وبالتالي فإن لذلك تأثيرا على ملف السلام، وخارطة التحالفات في المنطقة برمتها.

وللأسف فإن كل تلك المؤشرات تعيدنا إلى أجواء ما قبل 14 فبراير 2005 يوم تمت تصفية الراحل رفيق الحريري، فبنظرة بسيطة، وقراءة لطرق المعالجة في منطقتنا، فإن الحلقة الأهم والأضعف في كل تحولات المنطقة هو سعد الحريري.

فزعيم الأكثرية هو عمود الخيمة الكبيرة، سعد هو زعيم السنة بلا منافس، أو بديل، وهو خارطة الطريق الدولية للبنان، ونقطة التحول الاقليمي بين سورية والعرب، أو العكس، كما أن الحريري، وهذا الأمر الأكثر أهمية وخطورة، هو عمود خيمة محكمة والده الدولية، التي ستبدأ قريبا، بكل ما فيها، من خبايا، خصوصا أن سورية الرسمية لم تعد قلقة منها.

ولذا فإن كل المؤشرات تقول إن الخوف اليوم هو على سعد الحريري.

[email protected]