الحفلات الغنائية في مهرجاناتنا الصيفية

TT

حينما عينت في أبها معلما منذ نحو أربعة عقود، كان طلال مداح ـ رحمه الله ـ قد أطلق أغنيته الكاسحة «شفت أبها»، وغدت على كل لسان، وغبطني الكثيرون على العيش في أبها، وسط المراعي وجماليات الطبيعة التي تحدث عنها طلال، والحق أن أبها هي كذلك، وأجمل، وحياتي القصيرة بها ظلت ذكرى لا تنسى رغم افتقار المدينة آنذاك إلى الكثير من ضرورات العصر، لكن أبها شهدت بعد ذلك قفزات تنموية كبيرة جعلت منها مدينة عصرية بمختلف المعايير، وغدت درة السياحة الداخلية بفضل طبيعتها، ومهرجاناتها، وحميمية أهلها.

وحينما بدأت أبها التخطيط مبكرا لمشروعها السياحي لم يكن مفهوم السياحة الداخلية مطروحا على النحو الذي هو عليه الآن، وكان من الصعب التنبؤ بإمكانية نجاح مثل هذه الفكرة، لكن أبها حسمت الجدل، وغدت خلال سنوات مدينة سياحية بامتياز، راسمة لنفسها مكانا ومكانة ضمن كوكبة المقدمة في منظومة المدن السياحية.

واليوم تواصل أبها انطلاقتها السياحية في ظل جدل يدور حول الأثر الذي يمكن أن يحدثه غياب الحفلات الفنية عن مهرجانها، وهي الحفلات التي كانت تستقطب كبار الفنانين، وعن عدم إدراج اللجنة المنظمة للمهرجان الفيلم السعودي الكوميدي «مناحي» ضمن برامجها لهذا الصيف، وهو الفيلم الذي شهد عرضه رواجا في بعض المدن السعودية، والحقيقة أن مثل هذا الجدل ما كان ليحدث لو أن هناك استطلاعات رأي منهجية دقيقة حول العناصر المرغوب أن يتضمنها المهرجان، ولو أن هناك معايير علمية لقياس مدى إسهام كل عنصر من العناصر في خدمة أهداف المهرجان، وبالتالي تحديد أهميته، فنحن أمام منجز نسعى إلى المحافظة عليه واستمراره، ولا يتحقق ذلك إلا بتحديد اهتمامات الشرائح المستهدفة من إقامة تلك المهرجانات، ومقابلة تلك الاهتمامات بمنظومة متنوعة من الأنشطة التي تلامس رغباتهم، ولو أن المسؤولين عن المهرجان في أبها لديهم مثل هذه الدراسات لأمكنهم محاصرة الجدل الذي يثيره إلغاء عنصر من عناصر المهرجان أو إضافة آخر، وقد تجيب مثل هذه الدراسات على سؤال مثل: هل الحفلات الغنائية، والعروض السينمائية ترتقي لأن تكون مكونات جذب أساسية أم هامشية في مهرجاناتنا الصيفية؟

ولأبها المدينة الجميلة المتألقة دوما، ولمهرجانها، والمسؤولين عنه أمنيات باستمرار التميز، و«مهرجان أبها يجمعنا».

[email protected]