دعوة لمقاطعة القيادة الفلسطينية

TT

لا علاقة للمنطق أو الأخلاق بما يحدث بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية، ولا المصلحة أيضا. ولولا أن إسرائيل تفصل بين غزة والضفة لربما نزفت أنهار من الدماء، وما صامت المدافع والصواريخ بين الإخوة، لكن لحسن الحظ أو سوئه أن العدو في هذه الأيام صار خير صديق للطرفين.

مهزلة اليوم أن من حسن حظ الفلسطينيين أن خمسين كيلومترا من «الأراضي» الإسرائيلية تحول دون قتال الإخوة المتخاصمين، وتؤمن الهدنة. وعندما نسمع عن السفر الذي لا ينقطع إلى القاهرة للحوار نتساءل لماذا المصالحة؟ أي مصالحة تترجم كل يوم بتصريحات مليئة بالسباب والشتائم وتبادل الاتهامات حول من أخفق في إطلاق سراح المعتقلين من الطرف الآخر.

كل الدلائل تقول إن الفشل قدر الفلسطينيين ليس بسبب العدو، بل فقط بسبب أنانية قياداتهم السياسية، أن يبقوا مقسمين إلى دويلات ومخيمات وبيوت، وأنه في كل مرة يجرب أحدهم إطفاء الخلاف تزداد المعارك اشتعالا، مما يعني أن خير علاج هو النسيان، وليتفرغ كل حكم لخدمة مواطنيه إلى أن يأتي اليوم الذي يمكن أن تمد فيه الأيدي للمصافحة.

إن خير مصالحة يمكن تأمينها بين حكومتي غزة والضفة هي ضمان القطيعة بين الطرفين، فيمتنع كل طرف عن المصافحة والمقابلات ويصوم عن التصريحات الإيجابية منها والسلبية على الأقل لمدة عام فقط. فكرة القطيعة المؤقتة سهلة ولا تكلف أحدهم شيئا، مع هذا قال أحد المسؤولين في السلطة في رام الله، انس الموضوع، إنها مستحيلة. لماذا؟ قال في الأيام القليلة الماضية اكتشفنا فريق اغتيال جاء لاستهداف الرئيس محمود عباس، يقوم برصد تحركاته، وقد تم اعتقال أفراده. تركنا لهم غزة ببحرها وحكمها، ومع هذا لا يريدون أن يتركونا وشأننا. قال أبو مازن لم يشأ أن يجعل منها قضية، رغم أنه المستهدف، لكن حماس لم تكتف بإرسال فريق القتل، بل تريد منا أيضا إطلاق سراحهم، إنها قمة الوقاحة، كما وصفها. يعتقد أن السبب غيظ قادة حماس من وضع الضفة المتعافي. يقول إن الضفة تمتعت بعامين من الأمن وشيء من الازدهار بما لم تعرف مثله منذ سنين، رغم كثرة الحواجز الإسرائيلية والمضايقات اليومية في داخل الضفة. حماس تريد إحداث فوضى في الضفة لإفساد كل ما بنته قيادة أبو مازن، وتخريب العلاقة الجيدة بين السلطة ومواطنيها. يعتقد أن حماس تستثمر في مشروع واحد هو تخريب وضع السلطة في الضفة.

صرنا اليوم أمام أزمة تكبر بين الفريقين اللذين افترضنا خطأ أن الطلاق بينهما في غزة كاف لإحلال السلام بين الفرقاء الفلسطينيين. هذا ما جعلني أعيد النظر في دعوة المصالحة والمقاطعة، واقترح أولا استخدام كلمة إحلال الصلح، لأن المصالحة هنا مضللة. نحتاج إلى صلح أولا إن كانت المقاطعة صعبة التنفيذ والمصالحة مستحيلة.

[email protected]