فتش عن باندورا!

TT

مؤسسة علمية بريطانية بحثت في أسباب التعاسة الفردية والجماعية فسألت ثلاثة آلاف مواطن. وقد ساعدتها وزارة العمال. أما المؤسسة فهي (رونتري) وقد وجدت أن أساس الشرور كلها سبعة: الطمع والمخدرات والكحول وانحطاط القيم الأخلاقية والجمالية وانهيار الفضائل الاجتماعية وتفكك الأسرة والفقر وفشل المعاهد العلمية والتربوية ـ بهذا الترتيب. وفي سنة 1904 اكتشفت هذه المؤسسة أن أسباب التعاسة في ذلك الوقت هي: الفقر والحرب والاستعباد..

وتداخل هذه الشرور بعضها في بعض بالمئات. وتوالد النواقص والسلبيات في كل اتجاه يجعلنا نعيش في طوفان ليس له نوح ولا سفينة!

وعند الإغريق أن الآلهة عندما خلقوا حواء عرضها كبير الآلهة على كل الآلهة. فكل واحد أعطاها ميزة: الجمال والرشاقة والصحة والذكاء. ولذلك كان اسمها (باندورا) أي حاملة كل الهبات.. أي كاملة الأوصاف..

ثم أعطوها صندوقا. وحذروها أن تفتحه. ثم بعثوها إلى بطل اسمه بروميثوس. أرادت الآلهة عقابه لأنه سرق النار من موكب الشمس وأعطاها للإنسان. فكانت النار مصدر النور والدفء والحياة. ولكن باندورا غلبها حب الاستطلاع فأرادت أن تعرف ماذا في الصندوق. وفتحته. فخرجت كل الشرور: الخوف والمرض والجوع والحقد. وأقفلت الصندوق على الأمل.. أي الأمل في التخلص من كل هذه الشرور..

ويقال إن الذي خرج من الصندوق هو كل الفضائل والصفات الجميلة. وأغلقت الصندوق على الأمل في استعادتها..

ومن يوم انفتح صندوق باندورا والعلماء في السياسة والاجتماع والنفس والبيئة والحياة يحاولون أن يعرفوا عدد الشرور لعلها سبعة أو سبعون أو مائة. أما علاجها أو الأمل في ذلك فقصة أخرى. ويبدو أن باندورا تفتح صندوقها من حين إلى حين.. وأغلب الظن أنها زهقت فتركت الصندوق مفتوحا فخرج منه الأمل في علاج أو شفاء أي شيء أو أي أحد..

فكأن آلهة الإغريق أرادوا أن يعاقبوا عاصيا واحدا فعاقبوا البشرية كلها.. ـ فتش عن باندورا!