لتشجيع القراءة: حقائب وجوازات سفر

TT

مع بداية فصل الصيف وانتهاء العام الدراسي تبدأ مكتبات المدارس والمكتبات العامة، وبخاصة في الدول المتقدمة في إعداد برامج متنوعة ومتميزة لتشجيع عادة القراءة بين الأطفال والنشء، من بينها حقائب القراءة، وجوازات سفر القراءة، ومكتبات متنقلة، ومكتبات في صالات الانتظار، والتبرع بالكتب المستعملة، إلى غير ذلك من برامج وأفكار مبتكرة وجذابة تسهم في تنشئة وتشجيع الأطفال والشباب والكبار على حب القراءة وتقدير قيمة وأهمية واحترام الكتاب، ومن ثم بناء وتأسيس مجتمعات راقية متميزة.

وفكرة «جوازات سفر القراءة» Reading Passports، عبارة عن عدة جوازات بألوان مختلفة، كل واحدة منها تعنى بقراءة كتب في مجالات مختلفة، جواز سفر في العلوم، الأدب والخيال العلمي، التاريخ، الجغرافيا، إلى غير ذلك من معارف أساسية تشكل قاعدة قرائية أساسية للطفل، على أن يسجل فيها بشكل تسلسلي تأشيرات للكتب والقصص التي قرأها، وبنهاية هذه الجوازات يكون الطفل قد قرأ عددا معينا من الكتب في مجالات مختلفة، مسجلا في هذه الجوازات أهم الأفكار والدروس المستخلصة منها، وبنهاية برنامج القراءة الصيفي يتم إجراء مسابقة بين أصحاب هذه الجوازات في الكتب التي تمت قراءتها لتحديد جوازات السفر الفائزة، مع تخصيص جوائز عينية ومالية وشهادات تقدير لكل المشاركين لتحفيز الأطفال.

أما «فكرة حقائب القراءة» Reading Bags، فعبارة عن مجموعة من الكتب داخل حقيبة مكتوب عليها كلمة «اقرأ» يتم اختيارها من قبل لجان متخصصة، بحيث تكون مناسبة من حيث الشكل والمحتوى للمرحلة العمرية للطفل، ويتم توزيعها على الأطفال وبخاصة الأسر محدودة الدخل والمقيمين في المناطق البعيدة، بهدف بناء قاعدة معرفية عامة للطفل تشكل أرضية أولية وأساسية له، ينطلق منها نحو آفاق وعالم القراءة الواسعة والشاملة والمتعمقة.

كما تعد المكتبات المتنقلة المزودة بأرفف وأماكن للجلوس ضرورة لتشجيع وتوسيع مساحة القراءة بين كافة شرائح المجتمع، وبخاصة في الأماكن العامة والمناطق البعيدة والنائية الفقيرة بالمكتبات.

وهناك أهمية في أن يواكب البرامج والحملات الوطنية لتشجيع الأطفال والكبار على القراءة واحترام قيمة الكتاب، حملات إعلامية مكثفة في وسائل الإعلام، مصحوبة بدعم مادي ومعنوي كبير من الهيئات الحكومية والأهلية ورجال الأعمال والمستثمرين، ويمكن اختيار كتب معينة للقراءة تثير قضايا ونقاشات وحوارات تهم الفرد والمجتمع، ثم يتم مناقشتها بحضور مؤلفيها وكتاب ومؤلفين بارزين، وإقامة مسابقات جماهيرية فيها تعقد في المكتبات العامة وبحضور إعلامي كبير، وجوائز متنوعة من بينها مجموعات كتب للتحفيز على القراءة والاهتمام بالكتاب.

مع اقتراح أن يتم إطلاق «قناة فضائية متخصصة في شؤون القراءة والكتاب»، لنشر ثقافة القراءة واحترام وتقدير الكتاب ومتابعة أخبار الكتب والإصدارات والمعارض وقضايا دور النشر، وبخاصة أن كلمة «اقرأ» هي أول كلمة نزلت من القرآن الكريم.

لم تعد تربية الأفراد على حب القراءة وتقوية الصلة بالكتاب رفاهية، بل أصبحت ضرورة حضارية لبناء الأفراد والمجتمعات، يشارك فيها كافة أفراد ومؤسسات المجتمع، وأصبح هناك أهمية لتشكيل فريق علمي من الباحثين وأساتذة الجامعات لحصر ومراجعة الدراسات والبحوث التي أجريت بهدف تنمية ميول واتجاهات الأطفال والكبار نحو القراءة للتعرف على الأسباب الحقيقية للعزوف عن القراءة، واقتراح طرق علاجها مع الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا المجال، بهدف تنشئة أجيال محبة للقراءة، مقدرة لقيمة وأهمية واحترام الكتاب، الأمر الذي يعني احترام للعلم والعلماء.

* كاتبة وباحثة مصرية في الشؤون العلمية