معركتنا مع الإرهاب.. من المواجهة إلى المحاكمة

TT

تعد تجربة السعودية في مواجهة المنظمات الإرهابية تجربة ناجحة إذا ما قورنت بتجارب الدول الأخرى، التي امتدت إليها يد الإرهاب كما امتدت إلينا، فالسعودية التي اعتمدت المواجهة الحازمة لم تغلق الأبواب في وجه كل تائب، ولم تبخل بالمناصحة لكل راغب، فعفت، وصفحت، وغفرت، فتاب من تاب، واتعظ من اتعظ، ولم يستمر في ضلاله سوى مستحق للعقوبة، وظل الأمير نايف بن عبد العزيز، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية يؤكد منذ البدء في كل مناسبة أن المتهمين سيحظون بمحاكمة عادلة، وفق الشريعة الإسلامية، وغدت تأكيداته اليوم حقيقة، والسعودية تكلل منظومة معالجاتها لقضايا الإرهاب بمحاكمات عادلة كفلت فيها للمتهم كامل الحقوق في استئناف الحكم، والدفاع عن نفسه بنفسه أو بتوكيل من يراه من المحامين.

والمتأمل لمجموعة الأحكام الابتدائية، التي أصدرتها المحكمة الجزائية المتخصصة في السعودية بحق الموقوفين في قضايا الانتماء إلى تنظيم القاعدة، ودعم وتمويل الإرهاب، والمشاركة في القتال في بعض الدول المجاورة، الذين بلغ عددهم 330 شخصا في 179 قضية، يجد أن المحكمة لم تحكم بحد الحرابة إلا في قضية واحدة، واكتفت في بقية القضايا بالسجن بمدد تختلف باختلاف الجرائم، وشملت بعض الأحكام عقوبات مالية، ومنعا من السفر، وفرض الإقامة الجبرية لمدة محددة في مدينة يختارها المحكوم عليه، كما برأت المحكمة بعض المتهمين من التهم المنسوبة إليهم، ومجموعة الأحكام الابتدائية الصادرة تعكس مستوى العقلانية، الذي تعاملت به السعودية مع المتهمين، إذا ما قورن بما يمكن أن يواجهه هؤلاء في دول أخرى لا تتمتع بنفس القدر من نضج الرؤية في التعامل مع هذه القضايا، أو نفس القدر من عدالة الأحكام.

وأورد هنا تعليقا لمواطن عربي شاركني سماع الأحكام من التلفزيون، حيث قال: «تتورط بعض المحاكمات التي تجرى مع متهمين بالإرهاب حول العالم بغلبة النزعة الثأرية، فتتسم أحكامها بالمبالغة والشطط، أما منظومة الأحكام الابتدائية الصادرة عن المحكمة الجزائية المتخصصة، فهي تبدو لي على قدر كبير من التوازن، الذي تتطلبه العدالة، الأمر الذي صبغ أحكام المحكمة بالعقلانية، والتوفيق، والحكمة». وللوطن أمنيات بالانتصار على كل من يريد العبث بأمنه وأمانه.

[email protected]