ليست حقيقة.. ولكن (كأنها)!

TT

نذهب إلى عيادة الطبيب. ونشعر بالأمان قبل أن يرانا. أي لمجرد أننا بالقرب منه. فماذا حدث؟ حدث شيء من الارتياح. والسبب ليس دواء ولا الطبيب نفسه. وإنما هو شعور بأننا بالقرب من العلاج أو من الدواء. فهل هذا وهم؟ نعم. فهل نعمل على تبديد هذا الوهم؟ الجواب: لا.. لأن هذا وهم مفيد. وهم لا ضرر منه..

يذهب الناس إلى أضرحة الأولياء ـ في بلادنا مصر مثلا: يذهبون إلى مسجد سيدنا الحسين. ونحن نعلم أنه ليس مدفونا في مصر.. لا جسمه ولا رأسه ولا قدماه. وليس له خصلة من الشعر. ولا قدماه قد غاصت في الصخر. لا شيء من ذلك. ويدور الناس حول ضريح سيدنا الحسين، الذي لا وجود له في مصر ـ ويقال في دمشق.

المعنى؟ المعنى أن في حياتنا أشياء (كأنها) حقيقة. وهي ليست حقيقة.. وفي حياتنا أوهام من صنعنا ولكن (كأنها) حقيقة.. (كأنها) دواء وشفاء..

ومعنى ذلك أن هناك حقيقتين: الحقيقة وأشياء أخرى كأنها الحقيقة. الحقيقة أن زيارة الأضرحة ليست دواء ولا شفاء، وعيادات الأطباء ليست دواء ولا شفاء. ولكن (كأنها)..

أن تجلس إلى جوار أمك.. أن تزور قبرها، أن تبكي عليها.. أن تشعر أنك صرت أخف وزنا.. وأن عقدك قد انحلت.. وأن همومك قد تحللت. فهل هذه حقيقة؟ ليست حقيقة.. ولكن (كأنها)..

وفي حياتنا ما لا نهاية له من (كأن).. ولا ضرر ولا ضرار من بعض الأوهام التي تحقق السعادة.. كلها أو بعضها!