طبق من فضة مقابل طبق حمص

TT

بكل أناقة عبر الوزير السوري وليد المعلم عن مشروع بلاده في المرحلة الجديدة. على الطاولة، طاولة المفاوضات، الجولان هي على قائمة الطعام. قال وزير الخارجية إنهم يريدون الجولان المحتل على طبق من فضة، وهي أعلى درجات التكريم في الموائد الرسمية. لكن هل فعلا الجولان على الطاولة؟ وهل ستقدَّم لأصحابها السوريين على طبق من فضة؟ والسؤال الأهم: مقابل ماذا؟

الأميركيون يقولون إن المطبخ السوري نشط في الآونة الأخيرة وصارت لغة الأطباق جزءا من لغة الغزل المتكرر، وإن أحد كبار المسؤولين الأميركيين، في زيارته الأخيرة لدمشق أهداه السوريون طبقا من حمص عندما علموا أنه صحنه المفضل، الحقيقة لم تكن الهدية صحنا بل طنجرة مليئة أخذها معه في الطائرة، وأكلها مع الفريق الإسرائيلي في محطته التالية.

على الرغم من كرم الضيافة، لا توجد عروض أميركية حتى الآن رغم فيضان التحليلات والمعارك الكلامية من الإسرائيليين والفلسطينيين والسوريين وغيرهم. يوجد مبعوثون جوالون يحملون الكثير من الأسئلة، والقليل من الإجابات، ولا شيء ملموسا حتى الآن ، لا دعوات عشاء ولا مفاوضات بعد. النشاط الحقيقي الوحيد موجود في موضوع الجندي الإسرائيلي المخطوف جلعاد شاليط الذي عقد وضع وحياة الفلسطينيين أكثر مما خدمهم. وهو ضمن التوجه القائم حاليا بالسير في ثلاث عربات في نفس الطريق الدائري. واحدة تحاول تخليص الطريق من الألغام والمعوقات، وهي معنية بإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مقابل الإفراج عن الوزراء والنواب الحماسيين، وفتح بعض المعابر، والسماح بعبور القوافل، ووقف الاستيطان المحموم. وهناك محاولة لإنهاء العالق في الحدود بين لبنان وإسرائيل، وربما لبنان وسورية.

العربة الثانية فيها فريق استكشاف الحلول الرئيسية، الجولان مقابل ماذا؟ مدى تنازلات إسرائيل وقبول دمشق؟ واستخراج أقل الأفكار إشكالا في موضوع القدس واللاجئين والحدود وصيغة الدولة الفلسطينية.

وهناك عربة ثالثة تحاول إنهاء الإشكالات الأميركية والحلفاء والدول العربية بمنحها أدوارا أساسية في العملية السلمية، ومنها يعد فريق التفاوض.

ماذا عن الجولان وصحن الفضة؟ الوزير المعلم متفائل جدا، لكن الوضع السوري متشابك خارجيا، مع هذا ليس معقدا كالفلسطيني، فمعظم الخيوط في يد دمشق. المطلوب منها فسخ خطبتها من طهران، وإغلاق مكاتب حماس والجهاد، ولعب دور «إيجابي» مع التنظيمين ليقبلا بالحل السلمي من خلال التعاون مع السلطة الفلسطينية. وجميعها اخترعتها دمشق بهدف الوصول إلى هذه النتيجة، أوراق مفاوضات تمكنها من الحصول على مبتغاها، فرض التفاوض وإعادة الجولان. المشكلة كما يعتقد المنخرطون في البحث عن حلول: الثمن السوري. يعتقدون أن سورية تريد أثمانا ضخمة مقابل إعادة الجولان إليها وليس العكس، منها مطالب كثيرة وصعبة إقليمية ومادية. إنهم يريدون أن يقولوا إن المعلم ورفاقه يأخذون طعامهم في طبق من فضة ويريدون مقايضته بصحن من حمص، فالجولان ليست مطلبا صعبا بل المطالب الأخرى التي وصفها أحدهم بأن الأسهل عليهم إعادة القدس على رد الجولان.

[email protected]