المسلمون المنسيون!

TT

للأقليات المسلمة في بعض الدول معاناتها ومشكلاتها، لكن ما تعانيه الأقلية المسلمة في الصين ـ رغم أن أعدادها بالملايين ـ يعد الأصعب على مستوى العالم، حيث نجحت الصين في فرض طوق العزلة على المنطقة الإسلامية في الصين، وبالتالي فإن العالم لا يعرف إلا القدر اليسير من معاناة المسلمين التي تطفح على سطح الأخبار، فطغيان طمس الهوية امتد إلى كل شيء؛ اسم تركستان الشرقية بدلالاته التاريخية تحول إلى «شينغيانغ»، والمساجد غدا أمر فتحها وإغلاقها للصلاة خاضعا «لمزاج الحكومة»، ويمتد التعقيد الذي تحيك خيوطه الدولة إلى أداء فريضة الحج، فالسلطات تفرض على كل راغب بالحج من المسلمين تأميناً مادياً كبيراً يصل إلى آلاف الدولارات، وهذا المبلغ التعجيزي يظل رهينة في يد جهاز الأمن بغية إجبار الحاج على العودة بسجل «نظيف» بمعايير السلطات الصينية.

والمسلمون في الصين رغم ثراء منطقتهم بالموارد الطبيعية، فإنهم الأكثر فقرا بين شرائح المجتمع الصيني، وقد حاولت الدولة ـ مع سبق الإصرار والترصد ـ تغيير طبيعة التركيبة السكانية في المناطق الإسلامية عبر تشجيع الهجرات الداخلية من قبل جماعة عرقية أخرى إلى تركستان الشرقية، وكذلك دفع المسلمين على الهجرة إلى خارج الإقليم للعمل في المناطق المختلفة بغرض تفتيتهم أو إغراقهم داخل محيطها البشري، وذلك لتغيير طبيعة الكيان الإسلامي الخالص لتركستان الشرقية، وبالتالي إنهاء أي تفكير انفصالي يمكن أن يطالب به أبناء الإقليم، رغم أن مطالب هؤلاء ـ في الغالب ـ تنحصر في الرغبة بنيل حقوقهم الوطنية داخل الدولة، وتمكينهم من أداء شعائرهم الدينية بعيدا عن العراقيل والتعقيدات.

ومسلمو الصين يشكلون الأقلية الإسلامية المنسية من قبل محيطهم الإسلامي، فالحديث عنهم غالبا ما يأتي من باب درء العتب واللوم، حتى أعمال العنف التي اندلعت في الإقليم قبل أيام لم تحظ بما تستحقه من المناصرة السياسية، والإعلامية، والحقوقية من قبل جل الدول والمؤسسات الإسلامية، وبطبيعة الحال لا أعني بالمناصرة هنا النهج الإرهابي لـ«القاعدة»، ذلك النهج الذي لم يزد أوضاع المسلمين ـ أينما حل ـ إلا تردياً، وتوتراً، ودماراً.

والحقيقة أنه في كل مرة تحاول الصين تبييض سجلها في مجال حقوق الإنسان فإنها تضيف إلى بقع السواد سواداً.

[email protected]