الحق بين!

TT

لا تـــــزال قضية القروض المالية الخاصة بالشركتين الكبيرتين بالمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية حديث المجالس الاقتصــادية والإعـــــلام المتخصص. فهاهي مجلة «الايكونومست» الإنجليزية الرصينة تشير للموضوع لثاني مرة في فترة ثلاثة أسابيع فقط مع عدم إغفال تغطية وكالتي «رويترز» و«بلومبيرغ» وصحيفة الفاينشيال تايمز وغيرهم وما تعرضوا إليه من وقائع مثيره.

الموضوع مهم وحجم الضرر لم يتضح حتى هذه اللحظة ولكن من الواضح أنها كرة ثلج عملاقة آخذه في الازدياد وضررها سيطال الكثيرين وخصوصا في ظل الصمت المطبق الحاصل وإفساح المجال لمساحة غير بسيطة من القيل والقال وذلك في محاولات مضنية لمعرفة حجم الضرر الحقيقي والأرقام الدقيقة التي تخص المصارف كديون مستحقة.

هذا هو ظاهر القضية والمادة التي يتجاذبها الناس حتى الآن، ولكن القصة الحقيقية هي كيف أن بعض المصارف كانت «شريكة» بصورة أو بأخرى فيما وصلت إليه الأمور بأسباب التسيب والإهمال الإداري وبممارسة ازدواجية للمعايير. فبحسب أحد كبار المسؤولين في أحد البنوك المركزية الخليجية الذي قابلته مؤخرا وكان يتحدث عن هذه المشكلة علق قائلا «المشكلة ليست مالية فقط ولكن المسألة فيها تجاوزات بحاجة لمعالجة وتدخل مختص لفحص التجاوزات الموجودة هذه».

وبالرغم من أن تعليقه هذا كان بمثابة «التعليق المدهش» والذي يبدأ في تفسير الأمور وفتح المجال لفهمها بالطريق السليم، إلا أنه في واقع الأمر يجب ألا يكون «غريبا». فالمتمـــــعن الموضـــوعي والعــــــاقل والمنصف لتاريخ العلاقة بين الشركتين لا يملك إلا أن يصاب بالدهشة والحيرة لما آلت عليه الأمور.

بداية انه من الغريب جدا استمرار طرح الموضوع في وسائل الإعلام بالإشارة لقضية الشركتين ووضع اسميهما جنبا إلى جنب وفي ذلك مساواة غير عادلة بين الطرفين.

تقرير أخير صادر من قبل بنك HSBC العملاق كان تحديدا عن مدى الآثار المتوقعة للوضع المتأزم للشركتين على المصارف السعودية خلاصته التخفيف والطمأنة وجاء وسط موجة عنيفة من بيع أسهم البنوك شهدها سوق الأسهم السعودي وذلك تحسبا لنتائج سلبية لقطاع المصارف والتي من المنتظر أن تقدم على استحداث مخصصات هائلة في ميزانياتها «لهضم» زلزال الشركتين.

رائحة «شينه» تصدر عن قضية الشركتين هذه وإذا كان الحديث الشريف يقول: «الحلال بين والحرام بين» فكذلك يمكن القول بأن «الحق والصواب بين والباطل والخطأ بين» ويبقى الأمل في تدخل يصلح ما أفسده خلق الإنسان.

حقائق مذهلة بدأت تظهر وأدلة تم اكتشافها ومؤشر البوصلة بدأ يأخذ بالاتجاه السليم والكل الآن يراقب «التدخل الحاسم» لإنهاء هذه القضية.

[email protected]