الفكر الاستراتيجي

TT

كتبت في سلسلة «خواطر ما بعد إيران» أن «حزب الله» هزم في حرب تموز 2006 دبابة المركافا الإسرائيلية التي كانت رمز الهزيمة العربية. ونشر «البريد» أول من أمس رسالة توضيحية من السيد عبد الرحمن المرعشلي أن المركافا لم تكن يوما (كذا) رمزا لإلحاق الهزيمة بالعرب لأنها لم تدخل القتال الفعلي إلا في عام 1981.

شكرا على المعلومات العسكرية القيمة. لكن لعلنا نختلف مع السيد المرعشلي، نختلف حول تفسير الهزيمة وتحديد العرب. إذ حسب معلومات المرعشلي نزلت المركافا (المركبة، للمناسبة) العام 1981. فماذا حدث، وفقا للتاريخ، العام 1982 في ذكرى هزيمة 1967؟ لعل المرعشلي يذكر، في إطار الحرص على الدقة العسكرية، أنه في ذلك الصيف الرديء اجتاحت لبنان وصولا إلى بيروت ثم القصر الجمهوري في بعبدا. ثم تمركزت المركافا في أول عاصمة عربية وراحت تدك شوارعها وبيوتها ومآذنها ومدارسها ومعسكرات المقاومة الفلسطينية واللبنانية وخنادقها ومخازنها ومخابئها. وبعد 76 يوما من الدك المركافي فقدنا 13 ألف جندي سوري وآلاف الفلسطينيين وهجر أكثر من مليون لبناني وتشتتت المقاومة العسكرية الفلسطينية في بلاد الله أو بالأحرى في أبعدها. من السودان إلى تونس إلى اليمن. وكان ذلك نهاية لكل مقاومة فلسطينية في الخارج. ولم يعد هناك شيء يسمى «جبهة فلسطينية» في وجه إسرائيل، بل تحولت إلى مقاومة محدودة في الداخل ثم إلى أوسلو وبعد ذلك إلى مجموعة حروب بين حماس وفتح.

فإذا لم يكن كل ذلك هزيمة عربية، فكيف تكون الهزيمة؟ وإذا لم يكن فرض أول اتفاق «سلام» على بلد عربي بالقوة، هزيمة عربية، فماذا يكون؟ لعلنا نرضي خبرة المرعشلي الاستراتيجية إذا أشرنا إلى اجتياح لبنان وشلل العرب على أنهما نزهة الجلساء أو الأنس والمؤانسة.