سوار الذهب الموريتاني

TT

قبل عامين كتبت أن الجنرال ولد فال سوف يكون سوار الذهب موريتانيا، عندما يسلم الرئاسة للمدنيين. وأخبره الزميل حاتم بطيوي بالمقارنة فرفضها رفضا قاطعا. هو، سيادة الجنرال ولد فال، لا يشبه أحدا ولا شبيه له. وكان على حق. فلن يكون للعرب، بشقيهم المشرقي والأفريقي، سوى سوار ذهب واحد. وللتأكيد، سوف يخوض ولد فال «معركة» الانتخابات المقبلة في 18 الجاري، ضد مجموعة من المرشحين، بينهم ولد عمه، محمد ولد عبد العزيز.

هذا ليس مقالا عن «الانتخابات» الرئاسية في موريتانيا. لقد تعبت من تتبع الأسماء، وضعت في ملاحقة الأحداث. ولست أدري لماذا يكبد الجيش الموريتاني شعبه عناء استقبال الرؤساء ووداعهم. والمنقلب الأخير لم يترك الرئيس الأخير يكمل حتى العشاء مع عائلته: طوقته فرقة من الشرطة العسكرية وقال قائدها (ملازم أو رقيب أو عريف) ضع الرغيف مكانه سيادة الرئيس وتفضل معنا.

الأكثر سخرية من المشهد العبثي المألوف في أفريقيا، هو مشهد الدول الكبرى تعترض وتطالب بالعودة إلى الحياة المدنية! والمشهد الأكثر ألما هو صورة عدد من المتظاهرين وعدد من أقرباء المخلوع الذين تجرأوا على المطالبة بعودته. ولا أحد يعرف أين قضوا ليلتهم تلك ولا أين أمضى الرئيس ليلته. الشرطة العسكرية لا تكشف عن ذلك «حرصا على سلامته وأمن البلاد».

تصر الدول العربية، خصوصا في شقها الأفريقي، على إجراء الانتخابات. ليبيا وحدها نجت من تبديد الوقت لأنها منهمكة في التمديد للقائد في انتخابات أخرى: رئاسة الاتحاد الأفريقي (مع التشديد على كلمة اتحاد) وتاج تيجان أفريقيا وصولجان صولجاناتها. الانتخابات الرئاسية مناقضة لحكم الشعب وعدالة اللجان. وبعد شهرين يحتفل الفاتح من سبتمبر بأربعين عاما خالية من الانتخابات، كما في الجزائر، حيث تؤدي الممارسة الديمقراطية إلى رجل واحد يرفض إلا أن يضحي كل حياته في رئاسة الدولة (المعروفة أيضا بالجمهورية) ثم يعد لتوريث التضحية إلى جمهوري آخر.

لا أعرف كم تكلف «الانتخابات» الموريتانية أو كم تكلف الانقلابات. ولم نعد نعرف عدد هذه وتلك. لكن الذي نعرفه هو أن موريتانيا هي إحدى أفقر* دول العالم، وفي الإمكان صرف هذه الأموال على بناء مستشفى مثلا (من دون مساعدة إسرائيلية) أو مدرسة أو مصنع. والباقي تتكفل به الشرطة العسكرية. لماذا كل هذا العناء؟ قلدوا القائد: الرئيس يختار الشعب وليس الشعب يختار الرئيس.

* الاقتصاد الرقم 186 في العالم، ومجموع الدخول 770 مليون دولار، ومعدل قدرة الفرد على الاستهلاك 2100 دولار في السنة.