في المسألة الصينية

TT

يجدر بنا أن نلاحظ أمرين في أحداث الأويغوريين في الصين. الأول، هو رد الفعل في العالم الإسلامي. فقد تظاهر الألوف في عواصم عربية كثيرة، وأحرقوا سفارات الدانمارك، ومعها سفارة النروج كما حدث في دمشق، على أثر رسوم كاريكاتورية تافهة، كان يمكن ألا يلتفت إليها أحد. وقاطعت مجموعات كبرى شركات الألبان والمعلبات الدانماركية. وحدثت خضات سياسية وإعلامية كبرى عندما منعت فرنسا الحجاب والصليب والنجمة السداسية في المدارس. ثم قامت ضجة أخرى عندما أعلن نيكولا ساركوزي، الرئيس الذي نُشرت صور زوجته عارية، أن لا مكان للبرقع في فرنسا. وظهرت حركات جدية أخرى بعد اغتيال سيدة مصرية في محكمة ألمانية على يد رجل فرد، لكنه يعبر بالتأكيد عن موجة حقد عارم في أوروبا عموما، وألمانيا خصوصا. الغريب ـ لا نزال ضمن الأمر الأول ـ أنه لم تكن هناك ردة فعل تذكر على ما حدث للأويغوريين في الصين. هل هي المصالح أم هي مراعاة الدولة الكبرى التي تتمدد بقوة في إفريقيا المسلمة؟ في أي حال، ليس هناك أي توازن، على الإطلاق، في ردة الفعل على معاملة 50 مليون مسلم صيني، وعلى رفض البرقع كلباس مسموح به في بلد أنتج فيلم «وخلق الله حواء» قبل نصف قرن.

الأمر الثاني، هو خوف الصين الشديد من تحرك الأقليات الدينية أو العرقية. فقد شهدت كيف أن المجموعات هي التي سرعت في انهيار الاتحاد السوفياتي. وفي وقت تطالب بكين «باستعادة» تايوان، وتصف الدالاي لاما بأن له «قلب حيوان»، تبدو انتفاضة إقليم كزنغياغ شديدة الأثر. ولا يشكل أهل التيبت (2.6 مليون) والأوريغوريون (20 مليونا) سوى نسبة ضئيلة من 1.3 مليار صيني. لكن أقاليمهم تشكل ثلث مساحة الصين.

لا شك أنه لا يغيب عن بال بكين أن انهيار الاتحاد السوفياتي بدأ في أفغانستان وفي آسيا الوسطى. فإذا كان من هاجس، أو مجموعة هواجس طاغية في الفكر الصيني، فهي تجربة، أو مرحلة ميخائيل غورباتشوف في موسكو. لذلك بالغت في ردة فعلها على الأويغور، فيما بالغ العالم الإسلامي في تفادي ردة فعل تقلق بكين، علما أن مسلمات الصين ممنوعات من الحجاب في الدوائر الرسمية، والصلاة ممنوعة في الدوام الرسمي، وكذلك الأعياد.

لعل تركيا هي الأكثر قربا من مسلمي الصين لكنها هي التي رفضت إعطاء تأشيرة دخول لقائدة الحركة ربيعة قدير.

ثمة إضافة أخرى: إذا تركت المسألة «للقاعدة» وحدها، فإن الأمور سوف تزداد سوءا على الفريقين. لا بد من محامٍ آخر لحقوق المسلمين هناك.