الأستاذة ماجدة

TT

منحت الجامعة الأميركية الدكتوراه الفخرية لخمسة متميزين بينهم ثلاثة من أصدقائي: الكويتي النادر عبد اللطيف الحمد، وعميد العلماء العرب فاروق الباز، والسيدة ماجدة الرومي. المبهر في الأمر هو طبعا ماجدة. ما كنت أتوقع أن الجامعة الأميركية، مربط العلم في الشرق منذ قرن ونصف، هي أيضا ذات مشاعر وتعرف الحب ويمكن أن تقدر سنونوهَ الربيع.

الشهادة في الجامعة الأميركية، علمية أو فخرية، ليست سهلة. فمنذ تأسيسها منحت 15 مرة، لأشخاص بينهم غسان تويني وحسيب صباغ وكمال الشاعر، البدوي الأردني الذي تخرج مهندسا، باللباس البدوي، وانطلق ليؤسس سادس أهم شركة للدراسات الهندسية في العالم. وأعطيت من قبل لفيروز.

ولكن هذا التقدير لماجدة الرومي هو تقدير ليس لصوت ذهبي ساحر، بل لأخلاق رفيعة ومسلك إنساني عال، في دنيا الفن العربي، التي لم تعد تعتبر أن الأخلاق ضرورية والحشمة حسنة والأدب لزوم.

في براءة الدكتوراه، هذا ما نوهت به الجامعة. نوهت بشغف ماجدة الوطني ونشاطاتها الإنسانية والأعمال التي قامت بها في حقول البرّ. وذكرتنا الجامعة أيضا، بأن ماجدة دخلت عصر الفيديو كليب دون أن تنزل إلى سقط التعري، وإلى الإباحات، والاستباحات، وما يرافق بعض هذا «الوسط» من فتن ومن عفن. دخلت عصر «الكليب» لكي تنقل إليه القصيدة، على صعوبة غنائها وصعوبة تلحينها وصعوبة أدائها. ومعها، كما مع عبد الحليم حافظ من قبل، ازدادت قصائد نزار قباني غنائية ورومانسية وجمالا. وقد حاول كثيرون أن يؤدوا الشعر الفصيح غناء، وحاول شعراء كثيرون أن يكتبوا شعرا يلحن ويغنى ويطرب في موسيقاه كما يطرب في إيقاعه. وبقي هذا النوع محدودا وعصيا، إلا من معلقات أم كلثوم ويتيمتي نجاة الصغيرة (أيظن ولا تكذبي) وذهبيات محمد عبد الوهاب وبعض فيروز وعبد الحليم وفريد الأطرش. لكن في عصرنا هذا، كانت ماجدة أكثر من قبل تحدي القصيدة وأصدح من أبدع فيها.

ولدت ماجدة لحليم الرومي، الذي جاء من فلسطين يساهم في تأسيس الإذاعة اللبنانية. وكان ملحنا وإداريا وصارما مثل بقية رفاقه الذين جاءوا من إذاعة «الشرق الأدنى» لكي ينشروا ويثبتوا الفن الإذاعي في لبنان والخليج. وقد أحببنا ماجدة مغنية بصوتها الأسمهاني وفرحنا لها دكتورة تكاد تكون غير فخرية.