هل حان الوقت لشن هجمة إسرائيلية؟

TT

مع عودة الملالي المتشددين وقوات الحرس الثوري الإسلامي في إيران إلى الحكم بدون شك، يصبح قرار إسرائيل بما إذا كانت ستستخدم القوة العسكرية ضد برنامج السلاح النووي في طهران أكثر إلحاحا من ذي قبل.

ولم يكن التهديد النووي الإيراني محل شك أثناء الحملات الانتخابية، ولكن رفعت المقاومة التي جاءت بعد الانتخابات من إمكانية حدوث نوع من التغير في النظام. ويبدو هذا الاحتمال بعيدا في المستقبل القريب، أو على الأقل طالما سيتطلب من إيران الانتهاء من تحقيق القدرة على تصنيع أسلحة نووية.

وبالتالي، ومع انعدام وجود خيار آخر مناسب، يبدو المنطق المفروض بالفعل لشن هجوم إسرائيلي عنيدا. وبدون شك، تسير إسرائيل قدما في عملية صنع القرار. ولكن الرئيس أوباما ليس كذلك بالتأكيد. فما زال أوباما يريد «التفاوض» (وهو مصطلح تذكيري على وجه خاص حاليا) مع النظام الإيراني الحالي. وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أكدت أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تحدثت مع نظيريها الروسي والصيني حول «إعادة إيران من جديد إلى المفاوضات حول بعض المخاوف الموجودة لدى المجتمع الدولي». وكانت هذه على وجه التحديد هي رؤية وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، التي انعكست على البيان الختامي لمجموعة الدول الثماني في اليوم التالي. ويعتقد السيناتور جون كيري أن السخط على الانتخابات الأخيرة في طهران سيرجئ المفاوضات لعدة أسابيع فقط.

وقد أعرب مسؤولون في إدارة أوباما (بدون ذكر أسماء) أن إيران ستكون أكثر حماسا للتفاوض عما كانت قبل الانتخابات بحثا عن «قبول» من «المجتمع الدولي». وقد أشارت بعض المعلومات التي تم تسريبها إلى أن المفاوضات يجب أن تثمر عن نتائج مع حلول موعد بداية انعقاد الجمعية العامة في الأمم المتحدة في نهاية سبتمبر (أيلول)، بينما توقع آخرون أنه ما زال أمامهم حتى نهاية عام 2009 لإظهار تقدم في المفاوضات. وتفترض تلك السيناريوهات الشفافة أن النظام الإيراني يهتم بـ«القبول» أو أنه محرج إلى حد ما من التخلص من أعدائه. ولكن كلا الافتراضين مشكوك فيه.

ولكن سيحاول أوباما أن يطلق مفاوضات ثنائية مع إيران، على الرغم من أن الوقت ينفد حتى في الجداول الزمنية التي تتسرب إلى وسائل الإعلام. وتوجد مشكلتان في هذا الاتجاه. أولا، طهران لن تتفاوض بنية حسنة. ولم تفعل ذلك على مدار الأعوام الستة الماضية مع الاتحاد الأوروبي كبديل لنا، ولن تبدأ بذلك حاليا. وكما قالت كلينتون يوم الثلاثاء، يوجد لدى إيران «فجوة كبيرة في المصداقية» بسبب تزوير انتخاباتها. ثانيا، نظرا للتقدم النووي الإيراني، حتى لو تم الاتفاق على فرض العقوبات الأقوى التي هدد بها أوباما، فلن ترتدع إيران عن تصنيع أسلحة وأنظمة عندما ترغب، كما كانت تكافح طوال السنوات العشرين الماضية. والوقت قصير للغاية، وقد فشلت العقوبات منذ أمد بعيد.

ولا يزال هؤلاء فقط الذين يؤمنون بالمفاوضات هم من يعتقدون أن إيران ستتخلى تماما عن برنامجها النووي. وللأسف، فإن إدارة الرئيس أوباما لديها «الخطة ب» التي ستسمح لإيران بالحصول على برنامج قوة نووية مدني «سلمي» مع «التخلي» علنا عن هدف الأسلحة النووية. وسيصف أوباما مثل تلك النتيجة بـ«الناجحة»، حتى على الرغم من أنها لن تختلف عما تفعله إيران وتقوله حاليا. وسيترك برنامج تخصيب اليورانيوم «السلمي» والمفاعلات «السلمية» مثل بوشهر، ومشروعات المياه الثقيلة «السلمية» مثل ذلك المشروع في آراك والذي ما زال تحت الإنشاء، لدى إيران قدرة هائلة على إنتاج أسلحة نووية في فترة قصيرة للغاية. وأي شخص يعتقد أن الحرس الثوري الجمهوري سيتخلى عن برامج التسليح والصواريخ الباليستية قد يعتقد أيضا أنه لم يكن هناك تزوير في الانتخابات الإيرانية التي جرت في 12 يونيو (حزيران). انظر عبارة «فجوة كبيرة في المصداقية»، المذكورة أعلاه.

وفي إيجاز، لقد أبرزت الانتخابات المزورة وتبعاتها المضطربة العيوب الإستراتيجية والتكتيكية في خطة أوباما إلى حد كبير. ومع تبادل طاولة المفاوضات في الفترة الحرجة المقبلة في البرنامج النووي الإيراني، يصبح قرار إسرائيل في استخدام القوة أسهل وأكثر إلحاحا. وحيث أنه لا يوجد احتمال لأن تبدأ المساعي الدبلوماسية أو تنتهي في الوقت المحدد، أو حتى أن تحقق تقدما كافيا لأن يحدث أي تغيير حقيقي، لا توجد جدوى من الانتظار حتى تنتهي المفاوضات. وفي الحقيقة، نظرا للتغيير المؤكد في تعريف أوباما لـ«نجاح» المفاوضات، تعتبر المفاوضات مصيدة أكثر خطورة على إسرائيل.

ولا يجد هؤلاء الذين يعارضون حصول إيران على أسلحة نووية سوى خيار واحد على المدى القريب وهو استخدام قوة عسكرية ذات هدف محدد ضد منشآت أسلحتها. والجدير بالذكر أن الانتفاضة الشعبية في إيران أيضا تجعل من المرجح شن حملة دبلوماسية شعبية فعالة في البلاد توضح للإيرانيين أن مثل ذلك الهجوم موجه ضد النظام، وليس ضد الشعب الإيراني. وذلك حقيقي، ولكن زادت أهمية توضيحه والتأكيد عليه، عندما أصبحت الفجوة بين الثورة الإسلامية لعام 1979 والمواطنين الإيرانيين كبيرة وواضحة كما لم تكن من قبل. ويمكن تنسيق القيام بإجراء عسكري ضد البرنامج النووي الإيراني وتحقيق الهدف النهائي بتغيير النظام معا في ثبات.

وبخلاف ذلك، فلنكن مستعدين لإيران وهي تمتلك أسلحة نووية، والتي يعتقد البعض، ومنهم مستشارو أوباما، أنه من الممكن احتواؤها وردعها. وذلك ليس بافتراض نسعى لتجربته في الواقع. فإن تكلفة الخطأ قد تكون قاتلة.

* زميل كبير في معهد أميركان إنتربرايز.. وكان مبعوث الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة من أغسطس (آب) 2005 إلى ديسمبر (كانون الأول) 2006.. ومؤلف كتاب: «الاستسلام ليس خيارا: الدفاع عن أميركا في الأمم المتحدة وفي الخارج»

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»