خطة الإنقاذ على طريقة بالين

TT

ملاحظة أقولها إلى سارة بالين التي سوف تحمل عن قريب لقب الحاكمة السابقة: إن البنات الكبيرات لا يعتزلن. وسلي عن ذلك هيلاري كلينتون. ففي هذه الأيام يمكن أن يستمر المرء في عمله مع بعض البكاء أو فقدان الوعي. ولكن الاعتزال؟ لا حتى تضطري تماما إلى ذلك، وحتى إذا اضطررت إلى ذلك، فيمكن البقاء لعدة أسابيع أخرى.

وسلي عن ذلك سيرينا وليامز، أو بالأحرى، أختها الكبرى فينوس. فقد فازت سيرينا بالمجموعة الأولى لنهائي بطولة ويمبلدون للسيدات بينهما أخيرا بعد أن امتدت المجموعة إلى شوط إضافي. وفي المجموعة الثانية كانت متأخرة بخمسة أشواط مقابل شوطين، لكنها استطاعت كسب ثلاثة أشواط متتالية وخسرت الرابع فقط.

وسلي جيني سانفورد، والتي فعلت أقصى ما تستطيع حتى لا تهدم زواجها على الرغم من أن زوجها أعلن عن أنه وجد قرينة أخرى. (وما هو جدير بالذكر أنه إذا كان هناك حاكم يستحق الاعتزال، فإنه ذلك الحاكم في ساوث كارولينا وليس ألاسكا). لكن بالين لم تعتزل فقط. فقد اعتزلت ـ واستمرت في مدح نفسها لعمل ذلك. وقد فعلت ذلك على طريقتها الخاصة، فجمعت بين شعور غير مبرر بعدم الأنانية والشفقة غير المبررة كذلك على نفسها. وقالت بالين: «لقد كنت أفكر في المتعة التي يقضيها بعض الحكام قبل تركهم مناصبهم: فهم يسافرون إلى الولايات المختلفة وإلى لوار 48 وربما إلى بعض الدول الأخرى لعقد صفقات تجارية ـ وكذلك يفعل العديد من السياسيين. ثم فكرت مرة أخرى: إن هذا هو الخطأ بعينه. فالعديد يقبلون بذلك عندما يوشكون على ترك مناصبهم، فيذهبون إلى الرحلات ويكتبون الشيكات ويستفيدون من الناحية المادية. وأنا لن أعرض ألاسكا إلى ذلك».

حسنا. فعندما كانت تقوم بحملتها في لوار 48 لتحصل على منصب نائب الرئيس، أو بعد ذلك عندما كانت تؤسس ساراباك لتدفع لسفرها في رحلات سياسية والظهور في كل مكان من نادي ألفالفا في واشنطن إلى عشاء فاندربرغ كاونتي رايت تو لايف، فقد كان ذلك شيئا جيدا ـ ولم يعرض ألاسكا إلى أي شيء. لكن ذلك ليس عدلا للولاية أن تصبح حاكمة على وشك ترك منصبها. فهل سيصوب أحدهم بندقية على رأسها ويجبرها على السفر إلى رحلات تجارية؟

فإذا لم تفهم ذلك، فإن بالين لديها تشبيه من كرة السلة: فهي بمثابة صانع الألعاب، وعلى صانع الألعاب الجيد «أن يصنع الفوز لفريقه». وأنا لست خبير كرة سلة، ولكن هل بعد أن يقوم صانع الألعاب بتمرير الكرة، يخرج خارج الملعب؟

وبعد ذلك، اشتكت بالين على موقع «الفيس بوك» من أنها كانت مرهونة بمقياس عال عن الآخرين الذين تركوا وظائفهم بسبب «ضرورة أهم». وقد فشلت وسائل الإعلام في فهم «أن الأمر يتعلق بالبلاد»، حسبما كتبت بالين ـ وبعد ذلك كتبت عبارة أخرى مفادها أن الأمر يتعلق بالعائلة. «فكل أميركي يفهم ما يتطلبه اتخاذ القرار لأن ذلك حق للجميع بما في ذلك العائلة». وأنا في حيرة من أمري: فهل هي تخطط لتبقى في دائرة الضوء أم تخطط للخروج منها؟

ومن المقبول أن يقول أحدهم إنني لم أعد معجبا ببالين منذ أن اختارها جون ماكين مرشحة لمنصب نائب الرئيس كما أن تقديري لها قد خفت من ذلك الحين. وربما يكون جزءا من قسوتي معها أننا نشترك في جنس واحد: فأنا أحب رؤية النساء ينجحن في المجال السياسي مثل غيره من المجالات الأخرى، وأعتقد أن اختيار ماكين الساخر لبالين وأسلوبها المتعثر منذ أن تم اختيارها قد عمل على تراجع ذلك النجاح.

وفي اليوم الذي أعلن فيه عن اختيارها كمرشحة لمنصب نائب الرئيس، صاحت بالين في حملة هيلاري كلينتون وقالت «يبدو أن النساء في أميركا لم ينتهين بعد، ونستطيع أن نحطم ذلك السقف الزجاجي مرة واحدة». نعم نستطيع لكن بالين لم تساعد في ذلك. فهذا التراجع من قبل بالين يجعل الأمور أسوأ مما هي عليه بالفعل. فقد اجتمع ذلك التبرير غير المقنع مع هذه الحكمة التي تقول: «لا تشرح الأمر: فأصدقاؤك لا يحتاجون إلى هذا الشرح، كما أن أعداءك لن يصدقوه على أية حال». ومن شأن ذلك أن يبرز صورة المرأة على أنها غير قادرة على تحمل حرارة الضغط السياسي.

ومفهوم أن ذلك نوع من «الذكاء» (ماري ماتالين) أو «جنون مثل جنون الثعلب» (بيل كريستول) يجعلني أشعر بالسخرية.

وإذا كان زميلها الحاكم مارك سانفورد قد أثبت أي شيء، فإنه قد أثبت أن الرجل السياسي يمكن أن يكون هشا ومفعما بالعاطفة مثل أي امرأة. فهل من غير العدل أن يعكس أداء بالين الضعيف ضعف السياسيات من النساء؟ بالطبع. لكن تحرك بالين ـ ليس التراجع ولكن التقدم في اتجاه آخر كما تقول ـ لا يشكل تقدما لها أو لغيرها من النساء.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»