رغم ضعفك فأنت الأقوى!

TT

أنت لا تعرف حال الناس على الأرض إلا إذا عرفت ماذا يقولون عندما يرفعون وجوههم إلى السماء، فإن كانوا يعبدون الشمس، فهم أيضا يعبدون البقر.. وإذا عبدوا البقر عبدوا صاحب البقر ومن يعطيهم ثمنها.. وإذا عبدوا الكهنة فهم ـ إذن ـ وثنيون.. وإذا نظروا إلى السماء قالوا: إنها ما لا نهاية له من الحجارة والغازات تدور حول نفسها من ألوف ملايين السنين وبعيدة عنا ألوف ملايين السنين الضوئية..

فأرضنا هذه ليست إلا نقطة على حرف في كتاب من مليون جزء.. أي أننا تافهون جدا، ولكنه الغرور الذي ينفخ فينا ويجعلنا نطق من العنطزة.. ولكن على الرغم من أن الأرض هكذا صغيرة، ونحن أصغر من فيها من الكائنات، لأننا أضعف من الميكروبات، فنحن وحدنا الذين نعرف حدود عقلنا ومعنى وجودنا وماضينا ومستقبلنا أيضا..

فنحن بالجسم أضعف من الفار.. وبالعقل أنصاف عمالقة..

إذا نظرت إلى السماء وقلت في نفسك ولنفسك: لا أعرف حدود هذا الذي أرى، ولكن أعرف حدودي.. وأعرف معني وجودي أنا، أما وجود الكون فلا أعرفه.. إذن يجب أن أبقي داخل حدودي ولا أخرج منها إلا بحساب.. فأنا يجب أن أعيش وأن أمضي في دفع عجلة التاريخ إلى الأمام.. ولو مليمترا واحدا.. فهذا دوري وهذه قدرتي أيضا..

نختلف كثيرا عن الصرصور والحمار والعصفور.. وكلها تموت ولا تعرف من هي.. أما نحن فنعرف من نحن.. ولكن معرفتنا هذه لا تفيدنا كثيرا لأنها قليلة وكليلة.. وإنما نحن نحاول أن تكون أيدينا أطول وعيوننا أبعد وآذاننا أعمق..

وهذه هي التكنولوجيا الحديثة أي علوم تطوير الأدوات التي يستخدمها الإنسان لكي يبقى.. أي علوم الأطراف الصناعية. فالصواريخ بدلا من الساقين.. والعدسات بدلا من العينين، والليزر بدلا من الأذنين والإلكترونيات بدلا من المخ..

أما إذا نظرت إلى السماء وقلبك مفتوح وذراعاك وقلت: ساعدني على ضعفي وعلى غروري.. اجعل نهايتي أفضل من بدايتي.. وعمري القصير أبديا في جنتك يا أرحم الراحمين.. إذا فعلت هذا، فأنت أسعد الناس، لأنه لا شيء يهدي القلب وينعش العقل ويريح الضمير، مثل هذا الإيمان!