موريتانيا.. من حكم الجيش المحض إلى حكم الجيش المقنع!

TT

من حق الناس في أجزاء كثيرة من العالم الثالث أن يكفروا بنتائج أي انتخابات رئاسية طالما أن أصواتهم لا تقدم ولا تؤخر، وأن النتيجة تأتي عادة كما يقررها «المخرج» مسبقا، وها هي مسرحية الانتخابات في موريتانيا تأتي بعسكري كان مجهولا حتى قبل عام ليتوج كرئيس منتخب، فلقد أضحكتني النتائج الأولية التي تشير إلى أن الجنرال محمد ولد عبد العزيز قد التهم الجزء الأكبر من أصوات الناخبين الموريتانيين، وشر البلية ما يضحك، فهذا الجنرال الذي خطف السلطة في موريتانيا بالسلاح يخطف اليوم صوت الناخب الموريتاني بالتزوير، وكأن قدر موريتانيا أن تظل في قبضة العسكر، كلما تخلصت من عسكري ابتليت بآخر.

من المؤكد أن لا أحد يمكنه تصديق فوز الجنرال، وأن العسكري المنقلب على السلطة الشرعية قد استطاع خلال عام من حكم العسكر أن يصوت له أكثر من نصف الناخبين، إنها لعبة مكشوفة، ومسرحية مهلهلة، مضطربة، وعاجزة عن الإقناع في بلد أهله مسكونون بالسياسة، وهاجس الخلاص من حكم العسكر، وأخال فنانة موريتانيا الكبيرة المعلومة بنت الميداح تدوزن الآن أوتار قلبها على مقام أغنيتها الشهيرة:

«إن الشعب جرب حكم الجيش المحض،

وحكم الجيش المقنَّع برموز مدنية،

وإنه الآن أصبح بحاجة إلى حكم مدني

يعيد إلى البلاد هيبتها وإصلاحها».

إن ثقافة التزوير السائدة في جل انتخابات العالم الثالث هي التي أغرت «الجنرال» على دخول لعبة الانتخابات في محاولة لترميم صورته، وليته يدري أنه زاد الطين بلة، فلا أحد يمكنه ابتلاع «سمكة» بحجم خبر انتخابه، ولست أدري أي حظوظ عواثر تحيط بالأمل الموريتاني في حكم مدني ينهي معانات موريتانيا مع مسلسل الانقلابات، وطموحات العسكر.

وكالعادة، وكما يفعل «الخاسرون» الأبرياء في أي مسرحية انتخابية في العالم الثالث، طالب المرشحون: أحمد ولد داداه، ومسعود ولد بلخير، وأعل ولد محمد فال، وحمادي ولد أميمو، المجموعة الدولية بلجنة تحقيق، وهم يدركون سلفا لو أن ثمة سلطة عالمية عادلة لطار الكثير من الرؤساء من على كراسيهم.

أستطيع أن أتخيل حيرة، وقلق، وطول ليل نواكشوط ـ التي عرفتها ـ وهي تنام على كوابيس اختطاف الأصوات، وتعثر الحلم.

[email protected]