الاحترام الياباني

TT

عادات جميلة يعرف بها الشعب الياباني وتميزه عن كثير من الشعوب.. احترام وأدب جم أصبح بالفعل جزءا من التركيبة اليابانية؛ يربون أطفالهم على مبادئ احترام الآخر وآداب السلوك وذلك منذ نعومة أظافرهم، بدءا من البيت، وفى المدرسة، والشارع، ومكان العمل، وتجد النتيجة واضحة أمامك بمجرد تعاملك مع اليابانيين. فبعد كل مقابلة تجد المسؤول يصحبك حتى باب المصعد، والجميع ـ كبيرا وصغيرا ـ ينحني تحية لك في ود واحترام.. وأصبح الانحناء المتواضع دليلا على رفعة هذا الشعب، تعودوا عليه منذ القدم، وكان الإمبراطور يمثل في نظرهم الإله، وكانوا ينحنون أمامه حتى تلامس وجوههم الأرض، والإمبراطور الحالي ـ 74 سنة ـ يظهر للشعب مرتين فقط في العام، الأولى في رأس السنة، والثانية يوم عيد ميلاده، ويقف الآلاف لكي يسعدهم الحظ ويشاهدوا الإمبراطور الذي بمجرد ظهوره ينحني الجميع احتراما لشخصه والميراث الحضاري والروحي الذي يمثله.

تزوج ولي العهد ـ ناروهيتو ـ من عامة الشعب، وأنجبت زوجته بنتا، ولا يمكن أن يحكم اليابان إمبراطورة، حيث لا بد أن يكون ولي العهد ذكرا. وكان من حظ الأخ الأصغر لولي العهد أن ينجب ولدا ليكون مشروعا للإمبراطور القادم. وقد خرج ولي العهد عن العرف بالزواج من خارج الأسرة، لكي لا يجلب أمراضا وراثية؛ ولذلك جروا وراء أسطورة أن أحد الأباطرة أكل وردة من الحديقة، ووفقا للتقاليد اليابانية فليس من حق نساء العائلة الإمبراطورية أن يتزوجن من عامة الشعب. وقد حدث أن أحبت ابنة الإمبراطور واحدا من العامة وتزوجته، ولذلك كان لا بد من الإعلان عن أنها أصبحت من العامة وتركت قصر الإمبراطور بعد أن أعطيت تعويضا ماليا مناسبا.

وشعب اليابان شعب مجامل، فقد عرف مدير الفندق بوجودي فجاء ليرحب بي، وفي اليوم التالي وجدت العلم المصري يرتفع فوق مدخل الفندق.. وهم من عشاق الفراعنة، وإن كانوا لا يعرفون سوى الملكة «نفرتيتي» والملكة «كليوباترا»، وقبل كل شيء يهيمون عشقا في الملك «توت عنخ آمون» وكنوز مقبرته، ولديهم حس فني راق، وقد شاهد اليابانيون فيلما تسجيليا لمدة خمس ساعات عن الفراعنة وتجدهم إلى الآن يتحدثون عنه وعما شاهدوه من مغامرات داخل الأهرامات ومقابر وادي الملوك.

ويحاول اليابانيون الآن أن يكون لهم طابع مميز وأشياء مبتكرة وجديدة، لذلك اختار وكيل وزارة الخارجية اليابانية ثلاثة سفراء من الشباب.. زاروا 40 مدينة يابانية لنشر الثقافة اليابانية الحديثة، خاصة فن الكاريكاتير المعروف باسم «مانچه».

ويستطيع الياباني ببراعة فائقة أن يبيع أى شيء من إنتاجه، لدقته المتناهية وذوقه الرفيع في تقديم منتجه، ولذلك غزوا أسواق العالم كله، وللأسف، نحن لا نستطيع أن نبيع لهم شيئا بسهولة. والقرار عندهم لا يأخذ قبل دراسة عميقة متأنية، وكثير من الاجتماعات والمناقشات، وفى النهاية قد لا يصلون إلى قرار، لكنك تراهم لا يملون العمل والمحاولة التي لا تعرف معنى المستحيل.. شعب اليابان بالفعل يصعب فهمه، لكنه شعب لا تملك سوى أن تحترمه..

www.zahihawass.com