ذكرى الهبوط على القمر.. وحلم وكالة فضاء عربية

TT

«خطوة صغيرة لإنسان، لكنها قفزة عملاقة للبشرية»، عبارة تاريخية شهيرة لحدث تاريخي مهم نتذكره هذه الأيام، في الذكرى الـ40 لهبوط أول إنسان على سطح القمر «الأميركي نيل أرمسترونغ»، على متن مركبة الفضاء «أبوللو 11»، في 20 يوليو (تموز) 1969.

وفي هذا الحدث نتذكر أيضا بكل الفخر والتقدير، الدور الرائد لعالم الفضاء العربي العالمي الدكتور فاروق الباز، الذي حدد مواقع هبوط سفن الفضاء الأميركية «أبوللو» على سطح القمر بين عامي 1967 و1972، كما كان مسؤولا عن تدريب رواد الفضاء في مجال الجيولوجيا والتصوير على سطح القمر، وقد تم في أميركا إنتاج سلسلة برامج تلفزيونية بعنوان «من الأرض إلى القمر»From the Earth to the Moon، تم فيها إبراز دور العالم فاروق الباز في تدريب رواد «أبوللو»، وذلك ضمن فقرة بعنوان «عقل فاروق الباز» The Brain of Farouk El ـ Baz، وسمي المكوك الفضائي في البرنامج باسمه «مكوك الباز» Shuttle El ـ Baz.

تاريخ استكشاف الفضاء، حافل بالعديد من الجهود والإنجازات الهائلة، مثل الأقمار الصناعية التي تدعم وتطور قطاع الاتصالات والملاحة ورصد الأحوال الجوية، ونظم الاستشعار عن بعد، وغيرها من تكنولوجيات حديثة، وحاليا يتم وضع خطط طموحة لاستكشاف الفضاء في المستقبل القريب، تتمثل في تشييد قواعد علمية أو مستوطنات للعيش والعمل مستقبلا على القمر أو المريخ، كما تتجه أبحاث الفضاء حاليا نحو الاستغناء عن مركبات الفضاء وبناء مصاعد فضائية بين الأرض والقمر، لاستعمار الفضاء ونقل البضائع والسياح إلى الفضاء الخارجي في رحلات المستقبل، وغير ذلك من أفكار ومشروعات علمية غير مألوفة مثل إنشاء فنادق فضائية مستقبلية، الأمر الذي يحول الفضاء الخارجي إلى فضاء تجاري وصناعي تستثمر فيه وبشدة الأموال الباهظة.

وفي سبيل تحقيق ذلك أسست دول العالم المتقدمة والطموحة، وكالات فضاء عالمية مثل وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» ووكالة الفضاء الأوروبية «إيسا»، تتعاون وتتبادل المعلومات فيما بينها في تطوير قدراتها وإعداد الخطط والمهمات الخاصة باستكشاف الفضاء، منها على سبيل المثال «الوثيقة الصادرة في مايو 2007 بعنوان «الاستراتيجية العالمية لاستكشاف الفضاء: إطار للتعاون» Global Exploration Strategy: The Framework for Coordination.

لم تعد برامج الفضاء ترفا أو رفاهية، بل أصبحت ضرورة ومعيارا أساسيا لتقدم الدول، علينا أن نتذكر أن الهدف الأساسي من رحلة «أبوللو 11»، كان رفع مستوى العلم والتكنولوجيا في الولايات المتحدة، لهذا هناك الآن تنافس وسباق نحو الفضاء، وجهود منظمة ومشاريع ثنائية وشراكات متعددة الأطراف بين وكالات الفضاء العالمية لمناقشة المصالح الدولية في استكشاف الفضاء، وتبادل الرؤى والأفكار الأساسية التي تتناولها عمليات الاستكشاف البشرية والروبوتية (الآلية).

أما في عالمنا العربي فما زال السباق نحو الفضاء منحصرا في سباق القنوات الفضائية ـ وبخاصة مع قرب حلول شهر رمضان المبارك ـ فيمن يفوز بنصيب الأسد من برامج ومسلسلات وفوازير رمضان، لجذب واستقطاب المزيد من المشاهدين.

لقد آن الأوان للإسراع في تأسيس «وكالة الفضاء العربية»، التي تشكل ضرورة ملحة لجمع وإعداد وتطوير القدرات والكوادر العلمية الفضائية العربية، والبرامج الفضائية المتميزة وبخاصة مع دخول العالم لعصر التطبيقات الصناعية والتجارية لأبحاث الفضاء، والتي ستجعل الوصول للفضاء أكثر سهولة وأقل تكلفة.

*كاتبة وباحثة مصرية في الشؤون العلمية