حتى نعرف معنى الإجازة!

TT

بعض الناس يرى أن الإجازة هي امتناع.. أي ألا يفعل المجاز ما كان يفعله في الأيام السابقة.. ينام متأخرا ويصحو متأخرا ولا يقرأ الصحف ولا يستمع إلى نشرات الأخبار، ولا يرد على التليفون.. إنه في حالة رفض، في حالة امتناع.

فإن كان هذا يريحه فعلا، فهي إجازة، وإن كان عصبيا في الامتناع، فهو لم يسترح.. وإنما المفروض أن يجعل الأشياء تقع من يديه.. بل من عينيه.. وأذنيه.. تماما كواحد قرر أن يخلع ملابسه فتركها لجاذبية الأرض.. أي ألا يكلف نفسه مشقة أن يلقي الملابس هنا وهناك.. وإنما ترك ذلك لجاذبية الأرض.. فهو لا يبذل مجهودا في خلعها أو ترتيبها.. منتهى السلبية والاستسلام!

فالذي صناعته القراءة لا يقرأ.. والذي صناعته الكتابة لا يكتب.. والذي يعمل بعضلاته لا يعمل.. والذي كان يعمل في الموسيقى والغناء، يشغل نفسه بعمل يدوي.

والناس اندهشوا عندما وجدوا الرئيس الأمريكي كارتر بعد أن ترك البيت الأبيض، كان يعمل في النجارة أي قطع الأخشاب في الغابات.. أو صناعة المقاعد والمناضد.. ويثبت المسامير في البيت.. وهو عمل مختلف تماما عن كل الذي كان يعمله عندما كان رئيسا يطلق الطائرات والصواريخ ويتآمر على النظم السياسية المعادية.

وكان من عادة الملوك أيام زمان، أن يتخفوا.. أن يتواروا في ملابس مختلفة ليكونوا على حريتهم.. وليسمعوا شكاوى الناس دون أن يزيفها المستشارون ورجال الحاشية.. وفى القصص القديمة نجد الملك والأمير بين الناس يأكل ويشرب ويلهو.. ولا تتدخل الحراسة إلا عندما يتعرض للخطر.. فالتنوع والتغيير هما السعادة.. فعالم الإنسان له شمس تشرق وتغرب.. وقمر يكبر ويصغر.. ورياح تهب وأمواج تعلو.. وامرأة تحبها.. وامرأة تأتى له بالأولاد.. هذه هي السعادة التي يعيشها الإنسان.. وفى استقرار تام.

ولذلك كانت الإجازة أو الراحة الأسبوعية أو السنوية هي أن يغير الإنسان ما كان يعمله في أيام الأسبوع أو أيام السنة!