مسألة خطيرة

TT

ملف حقوق الإنسان إحدى أهم القضايا الجدلية التي تواجه الكثير من الأمم اليوم، وهي قضية تواجه دول العالم الأول والعالم الثالث بلا استثناء، وإن كان الاختلاف في كثير من الأحيان يكمن في التفاصيل والمعايير المتبعة للخروج بالرؤية والنتائج النهائية. وفي هذا الملف الشائك هناك هيئتان عالميتان تحتكران التصدي لقضايا حقوق الإنسان وتقديم التقارير المتخصصة التي تكشف الواقع بحقيقة وبعد ذلك تقدم نقاط الخطر والتوصيات المطلوبة، وهو دور افتراضي كبير ومؤثر. وهاتان المؤسستان هما منظمة العفو الدولية ومنظمة حقوق الإنسان، ومع مرور الوقت اتضح وجود فروقات ليست بالصغيرة في أسلوب عمل المجموعتين، وباتت منظمة حقوق الإنسان تكتسب احترام وتقدير العالم لطرحها الموثق والعقلاني والمتوازن، ومن ضمنها كانت مفاجأة العالم بتصديها الحاد ضد تصرفات الجيش الإسرائيلي خلال حملته المسعورة ضد قطاع غزة، كاشفة كمية غير بسيطة من التجاوزات والمخالفات، لعل أهمها كان الكشف عن استخدام إسرائيل أسلحة محظورة بحق المدنيين مثل الفوسفور الأبيض.

وأخيرا صدر تقرير من قبل منظمة العفو الدولية بحق المملكة العربية السعودية، والذي قالت فيه إن السعودية لديها تجاوزات حقوقية بحق بعض المقبوض عليهم (وهي قدمت أرقاما لا يمكن تدقيقها ولا التأكد من توثيقها ولكن يبدو أنها وضعت لإكمال صورة التقرير). منطقة الحرب على الإرهاب والتجاوزات التي من الممكن أن تكون قد حدثت فيها هي منطقة «بكر» وجديدة على كافة دول العالم، فهي منطقة غير مأهولة من ذي قبل، وبالتالي هناك تجربة «التعلم من الخبرة» ولكن من الإنصاف والأهمية أن التقرير كان يتطرق للتطورات الإيجابية جدا التي حدثت في نهج مواجهة الإرهاب في السعودية ونجاح مشروع المناصحة وتأسيس المحكمة المتخصصة لمواجهة هذا الأمر، وخصوصا أن بعض هذا المجال كان غير مسبوق وناجح بشهادات الكثيرين. ملف حقوق الإنسان في السعودية اليوم حتما ليس متوازنا وهناك الكثير من الإنجازات المطلوب تحقيقها والعثرات المطلوب إزالتها، ولكن اللجوء إلى أسلوب التعميم بشكل درامي ومستفز لا يفقد التقرير فقط مصداقيته، ولكن يجعل التساؤل في أسلوب المنظمة نفسه أمرا ملحا ومشروعا. الحرب على الإرهاب ملف شائك ومعقد وفيه كم هائل من التحديات الإدارية والتنفيذية لدول كثيرة، ولكن التجربة مهمة ومراقبتها بموضوعية وسوية أمر أهم، والحكم النهائي لم يصدر بعد، ومن المهم رؤية المسألة بشمولية أكبر حتى يتحقق النفع الحقيقي. ملف حقوق الإنسان ليكتب له النجاح مطلوب تناوله بعقل وحكمة وأمانة والتفاعل معه كذلك لأنها قضية حساسة لا تتحمل الاستغلال والاستفادة والاتجار بها!